يُعَدُّ السِّوَاكُ مِن آدَابِ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَمِن سُنَنِ الفِطْرَةِ، وَهُوَ مِن الأُمُورِ الَّتِي كَانَ يُحِبُّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أَنَّهُ مِن الأَعْمَالِ القَلِيلَةِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الأَجْرُ وَالثَّوَابُ. وَقَدْ كَانَ مِن الأَشْيَاءِ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى آخِرِ حَيَاتِهِ، قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى.
🔴 أَوَّلًا: تَعْرِيفُ السِّوَاكِ
السِّوَاكُ هُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ فِي تَنْظِيفِ الأَسْنَانِ لِإِزَالَةِ التَّغَيُّرِ وَالرَّائِحَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْخَذَ مِن شَجَرِ الأَرَاكِ، فَهُوَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِهِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
«كُنتُ أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكًا مِنَ الأَرَاكِ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ (3991).
🔴 ثَانِيًا: الحِكْمَةُ مِن مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
🔴 ثَالِثًا: حُكْمُ اسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ
السِّوَاكُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى سُنِّيَّتِهِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَابْنُ رُشْدٍ، وَابْنُ قُدَامَةَ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هُوَ فَرْضٌ لَازِمٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ».
🔴 فَضْلُ السِّوَاكِ
وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي فَضْلِ السِّوَاكِ، مِنْهَا:
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ».
* وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ».
* وَقَالَتْ أَيْضًا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:
«إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَأَخَذْتُهُ وَلَيَّنْتُهُ بِفِيَّ، ثُمَّ نَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ فَاسْتَنَّ بِهِ».
* وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ».
* وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
«أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْتَاكُ بِسِوَاكٍ رَطْبٍ، قَالَ: وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ وَهُوَ يَقُولُ: أُعْ أُعْ، كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ».
� رَابِعًا: المَوَاضِعُ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا السِّوَاكُ
يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ السِّوَاكِ فِي المَوَاضِعِ التَّالِيَةِ:
1 عِندَ الوُضُوءِ.
2 عِندَ الصَّلَاةِ.
3 عِندَ ذِكْرِ اللهِ وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ.
4 عِندَ دُخُولِ البَيْتِ.
5 عِندَ الاسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ.
6 عِندَ تَغَيُّرِ رَائِحَةِ الفَمِ.
🔴 خَامِسًا: فَوَائِدُ السِّوَاكِ
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:
«فِي السِّوَاكِ عِدَّةُ مَنَافِعَ:
1 يُطَيِّبُ الفَمَ.
2 يَشُدُّ اللِّثَةَ.
3 يَقْطَعُ البَلْغَمَ.
4 يُجَلِّي البَصَرَ.
5 يُذْهِبُ بِالحَفَرِ.
6 يُصَحِّي المَعِدَةَ.
7 يُصَفِّي الصَّوْتَ.
8 يُعِينُ عَلَى هَضْمِ الطَّعَامِ.
9 يُسَهِّلُ مَجَارِيَ الكَلَامِ.
10 يُنَشِّطُ لِلقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ.
11 يَطْرُدُ النَّوْمَ.
12 يُرْضِي الرَّبَّ.
13 يُعْجِبُ المَلَائِكَةَ.
14 يُكْثِرُ الحَسَنَاتِ».
(زَادُ المَعَادِ ٤/٣٢٣)
🔴 سَادِسًا: حُكْمُ اسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ أَثْنَاءَ الخُطْبَةِ
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ:
«لَا يُسْتَحَبُّ اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ وَقْتَ الخُطْبَةِ، بَلْ يَكُونُ المُسْلِمُ مُنْصِتًا، تَارِكًا لِلحَرَكَةِ وَالعَبَثِ، مُسْتَفِيدًا مِنَ المَوْعِظَةِ».
نَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.





