حين عرفتُ برغبة الأشقاء في الكويت في استضافة المؤتمر الكشفي العربي القادم، شعرتُ أن الكلمات لا تحمل مجرد طلب، بل تنقل تاريخًا طويلًا من المواقف المشرفة التي تستحق أن تُقال بصوتٍ عالٍ. فالكويت، عندما تتقدّم بترشيحها، لا تتقدّم بملفٍ على الورق، بل تتقدّم بروحها العربية الأصيلة، وبخُلُقها الرفيع، وبإنسانيتها التي أثبتت نفسها في كل لحظة.
تعود بي الذاكرة إلى سنواتٍ طويلة ظلّت خلالها الكويت تقدّم الكثير دون أن تُشهر أو تطلب. كانت دائمًا موقف الأخ الكبير، الذي يقدّم بلا تردد، ويعطي بلا انتظار، ويُفضّل وحدة الصف العربي على أي مصلحة عابرة ، تنازلت الكويت كثيرًا، فقط لأن الحركة الكشفية العربية تحتاج من يدعمها ويحمي تماسكها ، لم تسعَ يومًا للصدارة، لكنها كانت دائمًا في قلب كل إنجاز.
واليوم، حين تطرق الكويت الباب برغبة ترشيحها، فإنها لا تطلب شيئًا جديدًا، بل تطلب استحقاقًا تأخر كثيرًا ، هي تتقدّم بعد أن قدّمت، وتستأذن بعد أن أعطت، وتطلب فرصة تكاد تكون جزءًا من حقها الطبيعي في هذا المجال ، وما يزيد الأمر إنسانية أن هذا الطلب يأتي بثقة كبيرة في من تخاطبهم، وكأنها تقول: "نحن نثق بكم كما وثقنا بكم دائمًا."
وأنا أقرأ ذلك، شعرت بأن مساندتنا لهذا الترشيح ليست موقفًا إداريًا، بل لفتة تقدير صادقة لدولة كانت إنسانيتها أكبر من حدودها
دعم الكويت – أيها السادة والسيدات - اليوم ليس مجرّد تأييدٍ رسمي، بل هي وقفة وفاء مع دولة وقفت معنا جميعًا، وبذلت الكثير للحركة الكشفية والشبابية عموما دون أن تُذكّرنا بما فعلت.
وهنأ تأتي الحقيقة الأوضح… وهي أن من يستطيع التقدّم لاستضافة مؤتمر الصداقة العالمي، ويفوز بشرف تنظيمه، لا بد أنه قادر على فعل الكثير ، على المستوى العربي ، قادر على النهوض بإقليم كامل، وعلى صناعة أثر واسع يتجاوز حدود الخليج ليصل إلى الوطن العربي كله، من المحيط إلى الخليج ، فامتلاك القدرة على إدارة حدث عالمي، يعني امتلاك القدرة على قيادة مبادرات أكبر، وأعمق، وأكثر تأثيرًا.
وهنا يتجلى اليقين بأن الكويت ليست فقط قادرة، بل جاهزة ، وتمتلك خبرة كبيرة، ورؤية واضحة، وإرادة صادقة تجعلها مهيأة لأن تطلق مرحلة جديدة في مستقبل العمل الكشفي العربي ، تتفتح فيها أبواب التعاون، وتتسع فيها مسارات العمل المشترك، وتكبر فيها طموحات الشباب العربي تحت مظلة واحدة.
وأنا أكتب هذه السطور، أشعر أن دعم الكويت اليوم هو دعم لمستقبلٍ نريده جميعًا ، مستقبل أكثر وحدة، أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على صناعة الفرق ، هو تأكيد على أن الوفاء قيمة حقيقية، وأن الشراكة قوة، وأننا—كعرب—نقف دائمًا مع من يستحق الوقوف معه.
وباسمي، وبما يمليه الضمير قبل الانتماء، أجدد دعمي الكامل لترشيح دولة الكويت لاستضافة المؤتمر الكشفي العربي القادم، إيمانًا بتاريخها، وثقة بقدرتها، واعتزازًا بمواقفها التي لا تُنسى، والذي يقر به كل عربي كشفي (قائدًا أو رائدًا أو برلمانيًا، أو حتى ناشطًا تطوعيًا أو شبابيًا ) هذا علمي وسلامتكم
ــــــــــــــــــ
*رئيس التحرير





