الصدق من أجلّ الصفات التي يتحلّى بها الإنسان .. فهو ميزان القلوب ولسان الفطرة السليمة .. وعنوان الرجولة والشهامة والنقاء .. والصدق ليس كلمة تُقال فحسب بل هو أسلوب حياة وتربية نفس وارتفاع في المقام .. فالإنسان الصادق ينعكس صدقه على نظراته وعلى مواقفه وعلى عهوده وعلى كل خطوة يخطوها في حياته !!
وقد جعل الإسلام الصدق من أعمدة الإيمان لأنه يجمع الفضائل كلها ويفتح أبوابها ..
وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم : « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِندَ اللَّهِ صِدِّيقًا ».
وفي هذه الكلمات النبوية نور يهدي القلوب فالله سبحانه وتعالى يرفع صاحب الصدق حتى يبلغ منزلة “ الصِّدِّيق ” وهي منزلة لا ينالها إلا أهل الإخلاص والوضوح والقلوب النظيفة .
ومعنى الصدق أعمق من مجرد قول الحقيقة .. فهو أن تمنح ثقتك لمن يستحقها لأنك تصدّقه وهو أن توافق أفعالك أقوالك وأن يكون ظاهرك مرآة لباطنك .. الصدق شجاعة لأن الصادق لا يخاف من مواجهة الحقيقة ..
وهو مروءة لأن المروءة لا تجتمع مع الغش والتدليس ..
وهو نبل لأن النفوس الكبيرة فقط هي التي تتسامى فوق الأهواء من أجل كلمة حق ..
وما أجمل أن يرتبط اسم الإنسان بالصدق ، فإذا ذُكر اسمه قيل : “هذا رجلٌ لا يعرف إلا الحق” أو هذه امرأةٌ صادقة لا تقول إلا ما في قلبها فالمكانة التي يعطيها الصدق للإنسان يعجز عنها المال والمنصب والجاه !!
وفي المقابل خطأ واحد في الصدق قد يكسر هيبة سنوات طويلة من الاحترام .. فالكذب لا يجرح الثقة فحسب بل يطعن الشخصية كلها ويهدم صورة الإنسان أمام نفسه قبل الآخرين .. ولذلك قال الحكماء : “ الصدق يرفع صاحبه والكذب يسقطه ولو بعد حين .”
إن الصدق ليس فضيلة تُكتسب يوماً وتُترك يوماً بل هو منهجٌ من سار عليه علت منزلته ، وصلحت علاقاته واطمأن قلبه ورزقه الله قبولاً بين الناس .. ومن جعل الصدق أساس حياته جعل الله له نوراً في دربه وبركة في كلامه ومحبة في قلوب الخلق له .
ـــــــــــــــــ
*أديب وكاتب كويتي





