رياضة الأحياء اليوم لم تعد مجرد مباريات تلعب في الملاعب، ولا بطولات تنظم على عجل، بل أصبحت مشهدا مجتمعيا واسعا، يحمل شغف الشباب، ويختزن فرصا اقتصادية ضخمة ما زالت تنتظر من يقرؤها بعين مختلفة ورغم هذا الاتساع، ما زالت المنظومة تدور في دائرة متكررة: مواهب بلا رعاية، بطولات بلا استثمار، ورؤى كبيرة تقيد بواقع مالي هزيل.
المؤسف أن كثيرا من منظمي بطولات الأحياء لا يزالون يبحثون عن الداعمين بالطرق التقليدية القديمة، وكأنهم يقودون مشروعا خيريا أو يطرقون بابا للتسول. خطابات مكررة، طلبات دعم بلا قيمة مضافة، وفكرة مفادها: ادعمونا لأننا بحاجة. هذه عقلية لم تعد تناسب عصري تحكمه لغة الاستثمار والعائد والنتائج. فكيف نقنع الداعم وهو لا يرى فرصة؟ وكيف نطلب تمويلا لبطولة لا تقدم نموذجا تجاريا واضحا؟
الحقيقة أن الاستثمار في رياضة الأحياء ليس معقدا، لكنه يحتاج عقلا جديدا: عقل يدرك أن الملعب ليس أرضا تزرع، بل منصة إعلان يمكن استثمارها. وإن الجمهور ليس مجرد حشود، بل قوة تسويقية يمكن قياسها وتوظيفها. وإن المواهب ليست لاعبين عابرين، بل أصول رياضية لها مستقبل.
وإن البطولات ليست فعاليات موسمية، بل منتجات قابلة للإدارة والتطوير والتحويل إلى قيمة اقتصادية. نحتاج أن ننتقل من عقلية "أعطونا" إلى عقلية "استثمروا فينا". من ورقة طلب دعم إلى عرض استثماري احترافي. من علاقات موسمية إلى شراكات مستدامة. لكي يتحقق هذا التحول، يجب أن تعيد منظومة الأحياء صياغة خطابها، وتطوير تنظيمها، والارتقاء بعروضها، وأن تعترف بأن زمن الارتجال انتهى، وأن زمن الاستثمار قد بدأ -بالفعل-. فكل فريق، وكل بطولة، وكل منطقة تملك فرصة أن تصبح قصة نجاح… بشرط أن تتحرر من عباءة الأساليب القديمة التي لا تليق بطموح الشباب ولا بحجم المشهد الرياضي اليوم.
رياضة الأحياء لا تستحق الدعم فحسب…بل تستحق أن تستثمر، وتدار بعقلية احترافية لا بعقلية التوسل.
"همسة ختام"
ولجان الاستثمار اليوم ليست خيارا…بل ضرورة ملحة لبناء مستقبل هذه الرياضة...





