الموت هو الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان وقد لخّصها كعب بن زهير بأبلغ بيت حين قال :
كلُّ ابنِ أنثى وإن طالت سلامتهُ
يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ !!
بيتٌ يهزّ القلب لأنه يضع الإنسان أمام حقيقته المجردة ، أننا جميعاً مسافرون نحو النهاية نفسها مهما اختلفت طرق الحياة .
الموت عِبرة لمن لا يعتبر وموعظة صامتة تذكّرنا بأن الدنيا مراحل وأن أعمارنا محطات نعرف يقيناً أننا سائرون إليه كباراً وصغاراً أصحاء ومرضى لكن مع ذلك يبقى وجع الفقد أشدّ مما يُحتمل .
والغريب أنّ الصدمة الأولى تأتي أحياناً بقوة وصلابة غير مفهومة كأن القلب يرفض التصديق ثم لا يلبث أن ينهار بعد مدة .. وكأن الحقيقة تحتاج وقتاً لتخترق الروح .. وهذا الشعور يمرّ به كل إنسان لأنه جزء من ضعف البشر أمام قضاء الله .
وفي هذه الأيام أصبح الفقد شبه أسبوعي ، قريبٌ يرحل، صديق يغادر، جار نفقده، أو زميل تختفي صورته فجأة .. تتكاثر الأخبار وتتعاقب النعوات وكأن الدنيا تذكّرنا كل يوم بأن البقاء لله وحده .
وأحياناً نعرف أن من نحبهم سيتركوننا يوماً ما .. وهذا بحد ذاته جرح مؤلم فمعرفة النهاية لا تجعلها أهون .. بل تزيدها ثقلاً على القلب .
وفي النهاية :
يبقى الموت الحقيقة التي لا تتبدل والباب الذي سنعبره جميعاً مهما طال العمر .. ولكن يبقى السؤال : ماذا نترك خلفنا ؟ وكيف نلقَى الله ؟
فليكن الفقد درساً ولتكن دموعنا طريقاً يُوقِظ القلب
ولنجعل أيامنا شاهدة لنا لا علينا !!
وما دام الرحيل قادماً لا محالة
فلا نجاة إلا في عملٍ صالح
وقلبٍ نقي ودعاءٍ لا ينقطع
فهو وحده الذي يبقى حين يرحل كل شيء .
رحم الله موتانا وموتى المسلمين
وجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة
وألهمنا وإياكم الصبر والسلوان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب وأديب كويتي





