تُعَدّ اللغة العربية من أعظم لغات العالم وأكثرها عمقًا واتساعًا، فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي هوية أمةٍ، وذاكرة تاريخٍ، ووعاء حضارةٍ امتدت قرونًا طويلة. وقد حظيت بمكانة رفيعة عند العرب والمسلمين لأنها لغة القرآن الكريم، ولغة الإبداع الأدبي، والفكر الإنساني، والعلوم التي ازدهرت في العصور الذهبية للحضارة الإسلامية.
أهمية العربية وانتشارها
تنتمي العربية إلى اللغات السامية، وتُعد أكثرها انتشارًا. ويبلغ عدد الناطقين بها اليوم أكثر من 467 مليون نسمة موزعين في العالم العربي ودول مجاورة. كما تُعَدّ واحدة من أكثر لغات العالم تداولًا، وتحتل المركز الثالث عالميًا من حيث عدد الدول التي تعتمدها لغة رسمية، إذ يعترف بها في 27 دولة. وعلى شبكة الإنترنت، تواصل العربية تطورها لتحتل المرتبة الرابعة من حيث عدد المستخدمين، مما يعكس حضورها المتصاعد في العصر الرقمي.
العربية لغة مقدسة وحاضرة دينيًا
تحمل العربية قداسة خاصة لدى المسلمين؛ فهي لغة القرآن الكريم والحديث النبوي، ولغة الصلاة والشعائر الإسلامية. ولم تقتصر مكانتها على العالم الإسلامي، بل كانت كذلك لغة طقسية لدى الكنائس الشرقية في الوطن العربي، كما استخدمها اليهود في العصور الوسطى لكتابة أعمال دينية وفكرية مهمة.
العربية في الحضارة الإنسانية
ازدهرت مكانة اللغة العربية مع انتشار الإسلام، فأصبحت لغة الإدارة والعلم والفلسفة والأدب. وفي العصر العباسي، كانت العربية لغة الباحثين والعلماء في الطب والكيمياء والفلك والرياضيات، وانتقلت المؤلفات العربية إلى أوروبا لتنطلق منها النهضة الحديثة.
كما تركت العربية أثرًا لغويًا عميقًا في كثير من لغات العالم، مثل التركية والفارسية والأمازيغية والكردية والسواحيلية، ودخلت آلاف المفردات العربية إلى اللغات الأوروبية، خاصة الإسبانية والبرتغالية والمالطية والإنجليزية، .
إلى جانب أسماء النجوم والمصطلحات العلمية.
العربية اليوم… استمرار للحضور والتجدد
رغم التحولات الكبرى في العالم، لا تزال اللغة العربية محافظة على مكانتها الأصيلة. فهي تُدرَّس في مدارس وجامعات كثيرة داخل العالم العربي وخارجه، وتستخدم في مجالات الإعلام والبحث والاتصال، وتحتفظ بدورها الثقافي والديني والحضاري.
وقد لخّص الشاعر أحمد شوقي جمالها في بيت شهير أصبح رمزًا لروعة لغتنا:
“إِنَّ الَّذِي مَلَأَ اللُّغَاتِ مَحَاسِنًا، جَعَلَ الجَمَالَ وَسِرَّهُ فِي الضَّادِ.”
تبقى اللغة العربية لغة مجدٍ وماضي عريق، ولغة حاضر حيٍّ، ومستقبل يملؤه الأمل. إنها لغة حملت حضارة واسعة وأسهمت في بناء الفكر الإنساني، وستظل — ما دمنا نحفظها ونعمل على تطويرها — منارة تضئ دروب العلم والثقافة والهوية





