أَوَّلًا: حُكْمُ لُبْسِ الثِّيَابِ الجَمِيلَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ
اِتَّفَقَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّجَمُّلِ وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ فِي سَائِرِ الأَوْقَاتِ، وَفِي يَوْمِ الجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ. وَمِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا لُبْسُ أَجْمَلِ الثِّيَابِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وغيرها .
⏎ قَالَ تَعَالَى : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
ثَانِيًا: هَدْيُ النَّبِيِّ ﷺ فِي اللِّبَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ
كَانَ ﷺ يَخْرُجُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي أَحْسَنِ هَيْئَةٍ وَأَجْمَلِ صُورَةٍ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَجَمَّلُ لِهَذَا اليَوْمِ.
⏎ فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:«كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي العِيدَيْنِ وَيَوْمَ الجُمُعَةِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَكَانَ أَحَبَّ الأَلْوَانِ إِلَيْهِ اللَّوْنُ الأَبْيَضُ، وَيَجُوزُ لُبْسُ الأَحْمَرِ وَالأَخْضَرِ وَالأَصْفَرِ وَالأَسْوَدِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ ثِيَابِ القُطْنِ وَالكِتَّانِ وَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَغَيْرِهَا، مَا عَدَا الحَرِيرَ لِلرِّجَالِ، وَمَا فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ أَوْ بِالكُفَّارِ، أَوْ ثِيَابُ الشُّهْرَةِ أَوِ الخُيَلَاءِ.
⏎ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : «هِيَ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، فَالْبَسُوهَا، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ يُخَصِّصُونَ لِصَلَاةِ الجُمُعَةِ ثِيَابًا أَنْقَى وَأَجْمَلَ مِمَّا يَلْبَسُونَهُ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ.
⏎ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَرَأَى عَلَى بَعْضِهِمْ ثِيَابَ النَّمَارِ، فَقَالَ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ».
⏎ وَفِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى قَصْدِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ البَدَائِعِ: إِنَّ الحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الجُمُعَةَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ، فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَشْهَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي أَكْمَلِ هَيْئَةٍ.
ثَالِثًا: فَضْلُ لُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ يَوْمَ الجُمُعَةِ
⏎ وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ.
ما رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَلْبَسُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ طِيبٌ مَسَّ مِنْهُ».
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ : «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاسْتَنَّ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ المَسْجِدَ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْكَعَ، وَأَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
⏎ وَرَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَالَ : «يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ».
✿ نَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.





