أعترف أني أعشق حكايا الوفاء وأعيشها .. فليس كل ما يُحكى يُنسى ولا كل ما يُقال يُصدق .. لكن الوفاء حين يُمارَس يُخلَّد !!
من يملك الوفاء يملك معه كل الصفات الجميلة الشجاعة التي لا تتراجع والمروءة التي لا تُساوِم والصدق الذي لا يتلوّن والنبل الذي لا يطلب مقابلاً والكرم الذي ينبع من القلب لا من الوفرة !!
الوفاء هو جوهر العلاقات الإنسانية الصادقة وروحها الخفية التي تمنحها الاستمرار والمعنى .. لا يتجلى الوفاء في المواقف الكبيرة فقط بل في التفاصيل الصغيرة : في حفظ الود وصون العِشرة والوقوف عند العهد مهما تبدّلت الظروف .. هو التزام أخلاقي قبل أن يكون سلوكاً وصدقٌ مع النفس قبل أن يكون مع الآخرين .
القلوب الوفية لا تغيب حتى في الغياب ولا تتغير حين تتغير المصالح .. هي قلوب تعرف معنى الأمانة وتدرك أن العلاقات لا تُقاس بطولها بل بصدقها .. الوفاء حارس أمين للعلاقات يبني جسور الثقة ويُرسّخ المحبة ويجعل الإنسان مطمئناً إلى ذاته قبل غيره .
ومن يتحلّى بالوفاء يعيش سلاماً داخلياً نادراً لأنه يعلم أن قيمته الحقيقية ليست فيما يملك بل فيما يثبت عليه .. تبقى أفعال الوفاء محفورة في الذاكرة لأنها لا تُقال كثيراً بل تُفعل بصمت .. وتأثير الصمت الصادق أبقى من ضجيج الكلمات .
أخيراً :
وفي زمنٍ تتبدّل فيه الوجوه وتُختبر فيه القيم يبقى الوفاء عملة نادرة لا يحملها إلا الكبار .. هو الموقف حين يصمت الجميع .. والثبات حين تهتز الطرق .. والصدق حين يكون الكذب أسهل .. الوفاء لا يُعلَن ولا يُتَصنَّع بل يُعرَف عند الشدائد ويُقاس عند الغياب .. فطوبى لمن جعل الوفاء نهجه لأنه وإن خسر أشياء كثيرة لم يخسر نفسه !!
ومن حفظ نفسه بالوفاء كسب احترام الحياة ، قبل احترام الناس
ـــــــــ
*أديب وكاتب كويتي





