نظم نادي السينما التابع لجمعية الثقافة والفنون بالأحساء مساء يوم الأربعاء الماضي أول “جلسة شاي” بعد تدشين النادي، لمناقشة فيلم “ذا آيرش مان”، وذلك في مقر نادي السينما بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، بإدارة الأستاذ يونس البطاط، وحضور مدير جمعية الثقافة والفنون بالأحساء الأستاذ علي الغوينم، وعدد كبير من محبي السينما من مخرجين وممثلين ومنتجين ومصورين ومشاهدين ..
أستهل الأستاذ يونس البطاط “جلسة الشاي” بإلقاء التحية والترحيب بالحضور، مؤكداً بأن نادي السينما يدعم الموهوبين والشغوفين في صناعة الافلام ويدعم أي موهبة تصل إليه، ثم قدم نبذة عن “جلسة الشاي” فقال: جلسة الشاي هي جلسة من الجمهور إلى الجمهور، يتم فيها طرح محاور معينة عن فلم أو مسلسل معين أو عن ظاهر سينمائية معينة، فالنقاش في “جلسة الشاي” يكون منكم وإليكم ..
وأفاد الأستاذ البطاط بأن مادة “جلسة الشاي” لهذا اليوم عن فيلم يعتبر تحفة فنية جميلة باسم “ذا آيرش مان” أو “الرجل الأيرلندي” ، مدة الفيلم ثلاث ساعات ونصف الساعة، للمخرج العالمي “مارتن سكورسيزي” ، وبطولة عمالقة هوليوود “روبرت دي نيرو، و آل باتشينو، و جو بيشي ..
وبين الأستاذ البطاط بأن الفيلم يحكي قصة رجل أمريكي من أصول ايرلندية، رجع من الحرب العالمية الثانية ليخوض حرب أخرى كقاتل مأجور لدى المافيا، وتجري أحدث الفيلم خلال عقد السبعينيات، وقد تم تسليط الضوء على الأحداث بشكل غير مباشر، وطرحت من خلال الفيلم بعض القضايا الإنسانية، والصرعات العائلية، والصداقات الوفية ..
وفي مجرى الحوار أستفسر الأستاذ البطاط حول حب الجمهور لأفلام المافيا وأفلام العصابات، مع أنها تحتوي على قتلة وعصابات فقال: ما هذا الحب الأزلي للشر الإنساني، وهل تحتوي هذه الأفلام على أمور مميزة تجذبنا إليها، وهل نحن أقرب من قصص أفلام المافيا والعصابات أكثر من غيرها !!
وفي هذا الصدد بين الحضور؛ بأن طبيعة الأجرام تجذب المتابع، وأن الأحدث الغير عادية والجديدة الخارج عن الحياة الطبيعية تجذب المتابع ..
وتسأل الأستاذ البطاط حول مشاهدة الفيلم، وأننا في عصر السرعة، وزمن السناب شات، وباستطاعتي مشاهدة 50 تغريدة في دقيقة واحدة، فكيف أنا كمشاهد أستهلك من وقتي ثلاث ساعات ونصف لمشاهدة فيلم !!
كما بين الأستاذ البطاط بأن إحصائيات مشاهدات الفيلم حصدت الملايين، والإحصائيات نفسها تفيد بأن 18% منهم شاهدوا الفيلم في جلسة واحدة دون انقطاع، بينما 82% توقفوا ثم عادوا متابعة الفيلم ..
وحول مشاهدات الفيلم أبان الدكتور محمد البشير؛ أن المحتوى وحالة الجذب والشغف في الفيلم تفرض على المشاهد متابعته، ومسألة الخيارات لها دور كبير في تدني نسبة المشاهدة دون انقطاع إلى 18%، فالسينما تعرض أفلاماً مدتها الزمنية طويلة ورغم ذلك كثيرون يتابعونها ويستمتعون بأحداثها، ولو أن فيلم (ذا آرش مان) عرض في دار سينمائي سنضطر لمتابعته في جلسة واحدة، وسنعيش المتعة مع أحدثه، إذاً هي مسألة إعطاء المتابع خيار المتابعة والتوقف ثم العودة لمتابعة الفيلم، هي من رفعت نسبة الذين شاهدوا الفيلم في أكثر من فترة إلى 82% ..
جندي، ورجل سياسي، ورجل عصابات، هذه كانت الشخصيات الأساسية البطلة للفيلم، والتي تم تأديتها من قبل ثلاثة ممثلين يعتبرون أساطير في الفن السينمائي، جسدوا الشخصيات بشكل جمالي وطبيعي، دون أي تكلف على المشاهد، سواء ببرود الجندي في ساحة الحرب أو بحماس السياسي في خطاباته الانتخابية، أو بهدوء رجل العصابات خلال اجتماعاته وتخطيطاته، فلو نظرنا إلى الجندي مثلا، شخصية “فرانك” والتي تم تأدية دوره من قبل “روبرت دي نيرو”، وكيف جسد شخصية رجل الحرب “الجندي” ورجل العصابات “القاتل المأجور” ورجل العائلة “الآب” كان يمثلها في آن واحد ..
وأوضح الدكتور محمد البشير بأن توظيف أي حدث تاريخي يقرب الشخصيات للمشاهد سواء المشاهد يعرف الحدث أو لا يعرفه، الحدث يضع المشاهد أمام خيارين، إما أن يتعرف على شخصية جديدة أو يغوص في أعماق هذه الشخصية، والجميل في السينما أنها لا تنقل الواقع كما هو؛ وإنما تنقله بتقنيات وفكر سينمائي، ما يدور حول القصة هو ما ينقله الفيلم ويقدمه للمشاهد، السينما بصورة عامة تدرس الشخصيات وتغوص في أعماقها، وتقدمها بطريقة جديدة ..
وكانت مشاركة الأستاذ علي الغوينم حول تعدد النهايات في الفيلم حيث قال: نحن كمسرحيين نرى بأن كثرة النهايات في العرض المسرحي يعتبر من القصور، فبعض العروض المسرحية تشعر بأن هنا تكون النهاية فيستجد فعل آخر ثم تشعر بالنهاية مرة أخرى ثم يستجد فعل آخر، تعدد النهايات تضعف العمل المسرحي، وأعتقد بأن تعدد النهايات حتى العمل الدرامي أو السينمائي تعتبر إضعافاً للعمل، فبالإمكان أن تكون هناك نهاية واحدة ومقنعة ..
وفي ختام “جلسة الشاي” شكر الأستاذ البطاط الحضور على المداخلات الجميلة، وأكد بأنه استفاد من المداخلات المنثورة في اللقاء، كما شكر نادي السينما وشكر جمعية الثقافة والفنون، وتمنى أن تدوم بيوت أفكار الجميع مليئة بصدق من الجمال والخيال ..
وعلى هامش “جلسة الشاي” صحيفة شاهد الآن أجرت هذه المقابلات حول اللقاء الأول لنادي السينما:
مقدم الجلسة الأستاذ يونس البطاط قال: أنا كمتابع وصانع أفلام وككاتب سيناريو، أرى إن الأثراء وكمية المعرفة كانت جميلة، ولمست وعياً في سوق الأفلام والمشاهدين، كنا نتوقع بأن دور المشاهد السعودي والإحسائي على وجه الخصوص قليل، وهذا اللقاء كشف بانه وصل الآن إلى مرحلة من الاكتفاء بسبب التواصل الاجتماعي ومنصة “نت فليكس” ؛ وصل إلى ذائقة سينمائية وتلفزيونية تحاكي الذائقة العالمية، فالأعمال المحلية يجب أن تصعد وتتطور لتلاقي هذه الذائقة ..
وعن اللقاء الأول لنادي السينما قال الدكتور محمد البشير: “نادي السينما” فتح لصناع السينما، والجميل في “جلسة الشاي” أن طغيان المشاهدين أكثر من صناع السينما، فهذا اللقاء جلب كثيرين من الأشخاص نراهم للمرة الأولى، وهذا من الأمور الجميلة التي تحسب للنادي، فهناك الكثير ممن شاهدوا الفيلم ولديهم القدرة على المداخلة وإثراء النقاش حوله، حضروا للمشاركة، هذا هو طبيعة نادي السينما، أنه مفتوح للجميع ويرحب بالجميع ويسمح للجميع بالمشاركة، ولا يوجد تميز بين متخصص ومشاهد ..
وأفاد الدكتور البشير بأنه دهش من أحد الاشخاص – ليس من صناع السينما – قد استأثر بالكلام وقدم شيئاً جديدا، ولديه بعد في المشاهدة وتركم مشاهدة عالية، ومثل هؤلاء نستفيد منهم، هؤلاء يفيدون صناع السينما عندما يعرضون أفلامهم، لأننا اليوم نقدم فيلماً عالمياً، ولكن في اللقاءات اللاحقة سنقدم أفلاماً سعودية للمناقشة، لذا نحن نحتاج لمثل هذا المشاهد، فنحن لا نستهدف بعضنا البعض ولكن نستهدف الجميع ..
وأكد الأستاذ على الشويفعي: بأن هذه المناقشات مهمة جدا وضرورية للمهتم في صناعة السينما ولصانع الافلام، هذه الحوارات تفتح الآفاق وتزيد من الثقافة السينمائية، وتفتح نافذة للمشاركين للاطلاع على صناعات وثقافات الآخرين، ومن خلالها نرى إلى أين وصلت السينما العالمية، وشكر فريق “فكر” على جهودهم في مناقشة الأفلام، كما شكر نادي السينما في جمعية الثقافة والفنون، وقال الجميع مكملين لبعض ..