كانت ولازالت السعادة هاجس نبحث عنه في كل حين ، وفي كل زمان ومها كانت ظروفنا ، وفي مخيلتنا أن السعادة شيء صعب الوصول له , وأن ما لدينا غير كاف لنا ، وأن علينا أن نعمل بجد لنحصل على المزيد من الأموال لنقتني المزيد من الكماليات ، حتى باتت تلك المقتنيات شيء معظم لا ننفك عنه ، وصار ضرورة قصوى لا يحتمل التأخر عنها وصارت تأسرنا بقيد ” ماذا يقولون عنا ” وصارت هي القيمة التي ترفعنا عند غيرنا !! كما عبر عنها صاحب رواية ” ألواح ودسر ” د/ خيري العمري .
في حين أن السعادة الحقيقية بسيطة جداً لا تحتمل وزن كما منحناها نحن في حياتنا ، السعادة هي ابتسامة الرضا ممن تحب ، السعادة هي نومة هانئة بعد عمل جاد دون منغصات ، السعادة هي كلمة جميلة نمنحها من حولنا ، السعادة قطعة حلوى صغيرة كما تفعلها بعض الأخوات من الجنسية الباكستانية في الحرم النبوي أعقاب الصلوات في حجر السيدات ، فرحاً بوصولهن ، واضافة سعادة لمن حولهن مع ابتسامة جميلة ورقيقة ، تخبرك أن تتذكر السعادة في كل حين مهما انشغلت ، ومع من لا تعرف أحياناً !!.
أذكر أن لوالدي صديق عزيز جداً ، وكنا كلنا نفرح بوصوله لأنه معبئ بسعادة خاصة ، بمجرد وصوله الباب مع سائقه نعلم أن طيف السعادة سيحيط بنا احاطة المحيط بالجزر !! ، كان العم السيد وبالرغم من مرضه ” مبتور القدمين ” إلا أن إلى الآن أتذكر جيدا ابتسامته وجيوبه المحملة بالحلوى للصغار و للخدم و للسائقين ،ولكل من قدم للسلام عليه ، كلن سيأتيه من نصيب الفرح !، زيارته لا تستغرق أكثر من ربع ساعة لكنها مشبعة بطعم شهي جداً من السعادة ، أنزل الله عليه ووالدي شآبيب لطفه ورحماته لإحسانهم .
بل أنك قد تكون ممن يرزق بأناس يتفانون بصنع السعادة لك ، وغايتهم أن تكون سعيد وكفى ، فمنذ الصباح وأن ترى في هاتفك تراتيل الدعاء أن يحفظك الله ، وأن يسخر لك ما تنوي من الخير ، وآخر يكتب ورقة صغيرة لمكتبك ، أنت الخير للصباح فقط أرنا ابتسامتك ، وآخر ينهي مهمة نيابة عنك لأنه قد شاهد انهماكك في التعب !! ، بل أن قد تجد من يحمل أمتعتك ويضعه عنك خشية ارهاقك !! ، أليست هذه سعادة ؟؟.
السعادة لطف يهبه الله لأرباب القلوب الرقيقة التي أودعت حبها للآخرين ، وحسن تعاملها ، وتعلم جيداً أن سعادتها مع الآخرين تكتمل كالعقد ، فتراهم متهللين مستبشرين بأبسط الأشياء ، ومع أسهل المواقف ، وهؤلاء يعلمون أن السعادة معدية فهم بمجرد وصولها لهم أسرعوا بتقاسمها مع الآخرين ايماناً بقوله ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” .
لله در المحسنون صناع السعادة ، تراهم جل أوقاتهم منشغلون كيف يضيفون لحياة من حولهم مذاق ممتع ، من خلال الصفح والتسامح ، ونوايا السلام ، بالكلمة الطيبة ، بالهدية الرقية ، بنشر النوايا الطيبة ، بالابتسامة الصادقة ، بالنداءات الخفية لله لك ، يرون كل شيء بخير ، ما دمت أنت بخير ، يزيدهم حماس رغبتهم المتقدة للأجور ، وما يحملونه من صدور سليمة، ببساطة هؤلاء من يحسنون تعليب السعادة لنا .
اللهم أجعلنا من أهل السعادة في الدارين وممن رضيت عنهم وسخرتهم لخدمة عبادك ..آمين .
كتابنا
> فنون تعليب السعادة !
فنون تعليب السعادة !
15/07/2017 12:50 م
فنون تعليب السعادة !
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/11699/