قال الله تعالي (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) (سورة الشورى، آية 13)
في الآية الكريمة يتضح أن جميع الأنبياء يجتمعون في رسالة واحدة وهي توحيد الله عزوجل وتتفق عل مبدأ واحد توحيد الالوهية، ومن مبدأ أتحاد الرسائل السماوية في دعوتها استمدت حقوق الأنسان صورتها المتكاملة من التشريع السماوي والمنزل على الأنبياء والرسل والتي ختمها بالإسلام الرسالة السماوية التي قامت على السلام على يد نبي الرحمة والإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم فجميع الديانات السماوية تنص على أن الحوار ومناقشة الطرف الاخر سمه من سماتها ووسيلتها في الدعوة الى الله، ومن هنا يتضح أهمية تفعيل لغة الحوار وتقبل الآخر بين الشعوب تلك اللغة التي جسدها رسول هذه الأمة عليه الصلاة والسلام في أروع صورها وأشكالها ونتائجها، قال الله تعالي (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(سورة النحل، أية125).
يقول ابن خلدون في مقدمته إن الإنسان اجتماعي بطبعه، كما إن الإنسان كائن متفاعل مع محيطه وأن الانسان فطر على العيش والتعايش مع الجماعة والتعامل مع الآخرين فهو لا يقدر على العيش وحيدا ويحب أن يعبر عن نفسه وقناعته من خلال عرض أفكاره على الآخرين، ويكون ذلك بالحوار وتقبل الآخر بما هو عليه من اختلاف سواء كان ذلك الاختلاف ديني أو مذهبي أو عرقي أو سياسي وهذا المبدأ من صميم أساسيات نجاح لغة الحوار ويزيد من التواصل ويرتقي بجميع الأطراف المتحاورة، وليس من الشرط أن يكون الحوار مع شخص أو مجموعة اشخاص بل من الممكن أن يكون الحوار بين الشخص وذاته.
تعد لغة الحوار ذات قيمة كبيرة، فهي لغة العقل والتعقل التي يستخدمها الناس كأداة راقية وأسلوب مقنع للتعايش والتفاهم في تعاملاتهم وتحاورهم وتواصلهم مع الأخر، فهما تباعدت وجهات النظر واختلفت تظل لغة الحوار تقوم بدورها في تقريب وجهات النظر والحفاظ على القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي ميز الله الإنسان بها، فمن سمات الشعوب المتقدمة أنها تخطي بالاحترام والاستقرار والايمان بإيجابية لغة الحوار في حياتهم والمبني عل احترام الرأي والرأي الآخر، فالإنسان المتحضر هو الذي يضع وطنه نصب عينية من أجل بناء نهضة تحقق من خلالها التنمية والازدهار والاستقرار ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون ان تترسخ ثقافة الحوار وروح التسامح والتنوع الفكري في نفوس أفراد المجتمع ويكون ذلك ببناء مجتمع يحترم قيم الحوار ومبدأ الرأي والرأي الآخر، عن طريق تضامن مجموعة من العناصر المترابطة وهي الأسرة والتعليم والمجتمع وتنمية وسائل الاحتواء والتكامل وحل الخلافات عبر آليات الحوار فيما بينهم.
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضوية جمعية الإنظمة السعودية جامعة الملك سعود
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com