الناظر في أحوال عادات مجتمعنا العربي ، يبصر أمرًا عُجابًا..
فإذا ماكان هناك مجلسٌ يكتظُّ بالرجال مثلًا ، وقطع امرؤٌ من أولئك القوم على نفسه عهدًا ، وأقسم بالله جهد أيمانه ليوفينّه،
فإنَّ لسان حالهم عندئذ يقول :
(أهذا عهدٌ نأخذه من فِي رجل)؟
وهي جملة باتت في عُرفنا تضمن للموعودين حصولهم على ماوعدوا به.
وتُثقل أيضًا كاهل الواعد إزاء ماقطعه على نفسه ، فإمَّا أن يفي..وإمَّا أن يُخلف وتضيع(هيبته بين الرجال..)
والوفاء بالوعد والعهد هو أمرٌ بالغٌ الأوج في الروعة الجمال،وماذاك إلَّا لكونه يوافق أولًا وقبل كلِّ شيء تعاليم الدين الحنيف ، وثانيًا هو من شِيم الإنسان العربيِّ الأصيل .. والتي عُرفت عنه منذ زمان بعيد، وظلَّ محتفظًا بها إلى جانب جملة من العادات المُحكمةِ الثبات..
بَيْدَ أنَّ حصر الكلمة النافذة على الرجل دون نظيرته فيها إشارة -من وجهة نظر قاصرة-إلى كون المرأة إن هي وُضعت في ذات الموقف المذكور آنفًا،فكلمتها قابلةٌ للتراجع والإلغاء لربّما..!
وبالنتيجة نكون قد ذهبنا وابتعدنا ، ومن ثمَّ عاودنا الكرّة إلى التفكير في النقطة ذاتها والتي باتت مقرَّرة ومعروفة عند غالبيّتنا .. وهي أنَّ (كلام النساء) لاوزن له ولامقدار .
أخيرًا..على جميعنا إدراك أنَّ مردَّ الوفاء بالعهد هو راجع لتنشأة الإنسان ومارُبِّيَ عليه من مبادىء وأخلاق ، سواءٌ أكان رجلًا أم امرأة ..
ولنُنَحّي الجاهلية ومحدودية العقل جانبًا،علَّهما يهجُرانِنَا إلى غير رجعة.