لا حلَّ لتوقُّف الخلافات بين الزوجين سوى أن يتفارقا! نعم.. فالحياة الزوجيَّة أعقد من صورة نمطيَّة لطائرين يرفرفان في بحبوحة عيش، وجمال طبيعة، وصدق، وحُبٍّ وحنان!
الزَّوج –كما يُقال- ينسى ولا يسامح، بينما الزَّوجة تُسامح ولا تنسى، وهذا الكلام وإن كان غير دقيق إلا أنَّه يُفيد بأن الزَّوجة عليها عبء المسامحة أكثر من الزوج؛ ذلك أن الرجل بعقلانيته قد يُصيب بعض جراح الأنثى فيؤلمها دون علمه، وأحيانًا قد يقع في صورةٍ أشبه ما تكون بإهمال زوجته، وهذا يقع موقعًا صعبًا من قلب الزوجة التي أحبته ووهبته أعزَّ ما تملك، لكنك لو سبَحت في عقل ذلك الرجل فإنك ستتوقف طويلًا قبل أن تؤاخذه على ذلك الإهمال! فلعله شُغل بما يظنه سيسعد زوجته، من ضغوطات العمل التي يأمل أن توفر لزوجته التَّرف، ويجعل من ماله مصدر إسعادٍ لها!
أيتها الزوجة الفريدة! أنت بما وهبك الله من ذاكرة تشبه ذلك (الصُّندوق الأسود في الطائرة) الذي لا يتأثر بمرور الزَّمن أو عوامل التَّعرية، أنت تملكين ذاكرة جَمعتْ لزوجك كلَّ خطأ ونقص، كل هفوة وزلَّة، لو شئت أفرغتِ تلك المواقف سَوادًا في مجلدات يضيق بها بيتكِ! أهمس لك: صحيح أن كثيرًا مما حواه (الصندوق) صحيح، لكني أطلب منك أن تضعي بجوار كل خطأ تاريخه؛ لتقرئِيه في سياقه التاريخي مُوزعًا على الزَّمن، ستتفاجئين أن تلك الذِّكريات ليست سوى أعواد في الطريق، كان يجب عليك أن تتخلصي منها على الفور؛ فإزالةُ الأذى عن الطَّريق صدقة! لكنه ليس من المعقول عند أي أزمةٍ -كأن يُقدم زوجك على التَّعدُّد مثلًا- أن تجمعي تلك الأعواد فتصير كومة كبيرة لا يختلف اثنان أنها استحالت مصائب وكبائر بعد أن كانت لا تعدو أن تكون عثرات في طريق الحياة السَّعيدة!
إن الشيطان حريصٌ كلَّ الحرص على تقديم مستنداته وأدلته، وقرائنه على أن ذلك الزوج لم يعد صالحًا للحياة معه الآن! فهو يُسعفُكِ كلما غاب عنك موقف، وهو يؤزُّكِ على نشر تلك الفضائح بين أقاربه وأقاربك! بل وعدد من صويحباتك وطائفة من المستشارات! إن ذلك كلّه يُعزز من قرار الانفصال؛ لأن ذلك سيجلب كثيرًا من المتعاطفين والمتعاطفات الذين يبنون تصورًا من خلال تلك الأعواد المجتمعة لا من خلال سنوات قضيتيها بصحبة زوجك ربما أن تلك الحياة بأعوادها يتمنَّاها كثير ممن تعاطف معك!!
من أجل ما سبق أقول: قبل أن تجمعي الأعواد قرري ماذا ستفعلين بها؟ فإن كنتِ ستتخذينها درعًا لحفظ حقوقكِ فإن الفضيحة لن تقودَ لذلك، وكم وقفتُ على بيوتٍ أخرجتْ أعوادها ونشرتها بين الناس، ثم حاولت أن تسترها وأنّى لهم! وإن كنت تريدين الوصول للانفصال فليكن ذلك الحديث خاصًا بين مَن سيتصدى لذلك من والدٍ أو أخٍ أو غيرهما، دون أن يكون حديثًا عامًا، وموضوعًا يخوض فيه كل من هبَّ ودبَّ، وإن جمعتِ تلك الأعواد؛ لكسب منافع من الزَّوج، وكان الحديث بينكما للتَّصالح والتَّصافي فليكن ما يكن، وليقل كلٌ ما لديه ثم الأرقى أن يتم جمع تلك الأعواد وحرقها وبدء صفحة جديدة؛ إذ الحياة الزوجية صفحات متجددة، والوقوف عند صفحة واحدة يضيع جمالَ الحياة؛ فالكون يتجدد، والأحوال تتغيَّر، وأنتما اليوم قد اختلفتما تمامًا ولم يبقَ سوى صورة اللَّحم والدَّم توحي بأننا نحن أبناء الأمس!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مؤلِّف، وباحث لُغوي واجتماعي
masayed31@
التعليقات 1
1 pings
زائر
03/03/2021 في 6:14 م[3] رابط التعليق
رااااائع بورك فيك