أتمَّ الله على بني آدم نعمه،وجعله مكرَّمًا وبعيدًا عن ميادين الذلِّ والانكسار.
وكوّنه من جمع دقيق وغفير من الوجدان والمشاعر،
التي من شأنها أن تفرحَ وتنتشي.
وتحزنَ وتتألّم.
وتغضبَ وتَحْرَدَ.
وزاد سبحانه في نعمائه على هذه المعجزة الكونية ، وآواها إلى أبوين وإخوة تأنسُ بهما وتدفأُ إذا ماكانوا يحيطون بها.
ويستطيعُ الإنسان بفضله سبحانه أولًا ،ثم بفعل تلك الإحاطة أن يكون ناجحًا وقادرًا على مواكبة عجلة دنياه.صالحًا لخدمة نفسه وأهله وأُمَّته.
إلَّا أنَّ الحياة مجبولة على النقص والكدر،فقلَّ مايتسنّى للمرء أن يكمل مسيره في هذا الجو المفعم بالحنان والطاقة الإيجابة ،بسبب جملة من العوامل المثبِطة للنفس والباعثة في دواخلها اليأس والتراخي.
وعلى رأس تلك العوامل ، أبغض الحلال عند الله (الطلاق).
نذير بداية فصل جديد في حياة غالبيتنا..فصل ماكان قبله لايشبه مابعده قطعًا.
وعلى أيّة حال ومهما تكن أسباب الانفصال ،فإنَّ الكارثة ليست محصورة في جانب انهيار مؤسسة تضمُّ تحت لوائها أُناسًا كانوا يرسمون المستقبل أجمل لوحة ،إطارها شراكة الوالدين وتشجيعهم معًا ، فحسب ..
بل هي متجاوزةٌ ذلك الأسى بمراحل،فإذا ماكان الأبوين يخافان ربّمهما في بنيهما، فإنَّ كلًا منهما لن يدّخر جهدًا لتشويه صورة الآخر وتحميله المسؤولية الكاملة عن تفكُّك ذلك الجمع..وصريخ غلِّ سنواته ووجع أيامه في وجه ضحايا التفرُّق هذا..!
رجائي أخيرًا إلى كلِّ الأباء العظماء،والأمهات الكريمات:
أن نخشى الله في أنفسنا وفي أبناءنا ..ولاننسى الآية الحكيمة التي قال فيها البارىء عزَّ وجلَّ:
(ولاتنسوا الفضل بينكم ..)
والفضل الذي لاينبغي أن يُنسى ليس محدود الصلاحية مشروطًا بالاجتماع ، إنّما هو ممتدٌّ ومأمور به حتّى بعد الافتراق.
والرجاء موصول إلى إخوتي وأخواتي،فمهما حاول المجتمع والظروف تميِّلكما إلى طرف دون غيره،فلا تسمحوا لأنفسكم بتلك الفعال أو ماشابهها..فإنَّ الشرع المطهّر هو موصٍ بكلا الوالدين خيرًا.