تعد أعمال الملكية الفكرية أعمالاً قديمة النشأة وقد ولدت شرارة هذا النظام في شمال إيطاليا في عصر النهضة صدر قانون في البندقية ينظم حماية الاختراعات ونص بمنح حق استئثاري للمخترع، ولكن سرعان ما تغير الأمر في نهاية القرن التاسع عشر حين رأت العديد من الدول بأهمية وضع قوانين تحمي وتنظم هذه الأعمال بمختلف صورها ، أما دولياً فقد تم التوقيع على معاهدتين تعتبران الأساس الدولي لهذا النظام وهما، اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية سنة ١٨٨٣ وجاءت بعدها اتفاقية برن سنة ١٨٨٦م ، مع مرور الزمن ظهرت الابتكارات الجديدة في العديد من مجالات الملكية الفكرية مما أدى إلى توسع نطاق هذه القوانين لتشمل كافة أوجه الحماية وذلك بهدف الحماية القانونية لكافة الابتكارات الجديدة مما يسهم في سير عجلة التقدم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ومن الممكن أن يؤثر الإعتراف بهذه الملكية التحفيز للقيام بالعديد من الأنشطة الابتكارية والتي بدورها تعمل على زيادة القوة والفعالية وإثراء الجوانب المختلفة من الإبداعات وأحد أهم هذه الإبداعات هو ” الذكاء الاصطناعي” و هو تخصص في علم الحاسوب يهدف إلى تطور الآلات والأنظمة التي بإمكانها أن تؤدي مهاماً ينظر إليها على أنها تتطلب ذكاء بشرياً، فالذكاء الاصطناعي هو نوع من فروع علم الحاسبات الذي يهتم بدراسة و تكوين منظومات حاسوبية تظهر بعض صيغ الذكاء وهذه المنظومة لها القابلية على إستنتاجات مفيدة حول المشكلة الموضوعة كما تستطيع هذه المنظومات فهم اللغات الطبيعية أو فهم الإدراك الحي وغيرها من الإمكانيات الي تحتاج إلى الذكاء متى ما نُفذت من قبل الإنسان، فالهدف من إستخدام هذه التقنية الذكية المعززة بالذكاء الاصطناعي في الأنظمة هو تطوير وتحسين المراقبة من كل المخاطر التي تواجهها الأنظمة الإلكترونية من تقليد و قرصنة وجرائم إلكترونية وتحسين عملية إنشاء قاعدة مختصة بمعرفة التهديدات والسياسات والإجراءات و المخاطر المتعلقة بأمن المعلومات، فالذكاء الاصطناعي يهتم في إحداث تطورات مهمة في كلا مجالي التكنولوجيا و الأعمال التجارية، ويستعمل في العديد من الصناعات وهو مفهوم مرادف لعملية “التعلم الآلي العميق الخاضع للإشراف” بالإضافة إلى أنه له تأثير كبير على الخدمات الاقتصادية والثقافية في جميع المجالات والصناعات، وللذكاء الاصطناعي علاقة قائمة بينه وبين الملكية الفكرية فالهدف الأساسي من نظام الملكية الفكرية هو التشجيع على الابتكار والإبداع من خلال التكنولوجيا الجديدة، وبالتأكيد وجود تكنولوجيا حديثة قائمة على الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تؤثر على قطاع الأعمال الذي يحتوي على الإبداع والإبتكار و الأصالة، مما سيؤثر على مفاهيم الملكية الفكرية التقليدية، فالذكاء الاصطناعي من المسائل التي اكتسبت الأولوية لدى منظمة “WIPO”ولمجتمع الملكية الفكرية العالمي، فتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لإستغلالها إما للبحث عن العلامات التجارية و معالجة طلبات التسجيل خلال ثواني بدقة وبناءً على المعايير الدقيقة، كمعيار التميز للعلامة التجارية ومعيار الأصالة للتصميم، وقد أطلقت المنظمة العالمية للملكية الفكرية”WIPO” العدد الأول من سلسة الأبحاث الجديدة بعنوان ” الإتجاهات التكنولوجية” 31 يناير2019
حيث ذكر المدير العام السابق لمنظمة”WIPO” فرانسس غري ” أن الذكاء الاصطناعي هو الحدود الرقمية الجديدة وشأنه أن يكون له تأثيراً بالغاً في العالم وأن يسفر عن نتائج تكنولوجية واقتصادية واجتماعية أخرى…”
وهناك دوافع عديدة لإستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الملكية الفكرية، كالجودة والتكلفة أيضاً وحماية براءات الاختراع و سرعة و دقة آليات الفحص، فإستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مساعد و مدعم لعمليات التحكم والمراقبة من قبل الخبراء و دعم عمليات إدارة المعلومات و المعطيات الفائقة الذكاء والتقنية وحمايتها من كل انواع التقليد والاحتيال والتلاعب في الابتكار وفي ضوء هذا الكم الهائل من الطلبات العالمية على سندات حقوق الملكية الفكرية من براءات الاختراع والعلامات التجارية و التصاميم الصناعية وحق المؤلف وغيرها، بوتيرة متصاعدة مما أفضى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة التحديات التي تواجهها سياسات الملكية الفكرية فالحماية المقررة للملكية الفكرية على المستوى الدولي تُستمد من الإتفاقية الدولية المقررة في باريس عام 1970 تحت مسمى “المنظمة العالمية للملكية الفكريةWIPO” والتي تهدف إلى توفير الحماية لحقوق المبدعين و المبتكرين والمؤلفين من خلال توفير بيئة مستقرة لتسويق هذه المنتجات ودفع عجلة التجارة الدولية ومن هنا كان منطلق الحاجة إلى بناء أنظمة ذكية لإدارة أمن و إستمرارية المعلومات المبنية على تقنيات الذكاء الاصطناعي فالأدوات المطورة و المزودة بالذكاء الاصطناعي توفر الجودة الأفضل وتكاليف الإدارة الأقل .