الأصل في العقود أنها عندما تنشأ صحيحة تصبح واجبة التطبيق النفاذ في جميع ما اشتملت عليه، والثابت أنه لا يجوز تعديل العقد إلا إذا اتفق الطرفان على ذلك، ولا يجوز للقاضي التدخل وتعديل العقد أو نقضة استنادًا على أن العقد شريعة المتعاقدين، ولكن استثناءً من هذا الأصل جاءت نظرية الظروف الطارئة التي تسمح للقاضي في التدخل إذا توافرت أركان وشروط تطبيق هذه النظرية ليعيد التوازن للعقد ولرفع الإرهاق إلى الحد المعقول.
وتطبق هذه النظرية على العقود المتراخية التي يفصل بين إبرامها وتنفيذها فترة زمنية، حيث يقع الحادث بعد إبرام العقد في مرحلة التنفيذ وقبل إتمامه، ويشترط في الحادث الموجب لتطبيق النظرية أن يكون استثنائيًا نادر الوقوع، وليس في الوسع توقع أثاره، ولا يمكن تفاديه أو دفعه، وأخيرًا أن يجعل الحادث تنفيذ الالتزام مرهقًا وليس مستحيلًا وهذا ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاهرة، إذ تجعل هذه الأخيرة تنفيذ الالتزام مستحيلًا لا مرهقًا.
إذا وقع الظرف وتحققت شروطه وجب على القاضي أو جهة التحكيم حسب اتفاق الأطراف التدخل لإعادة التوازن للعقد، ولا توجد قواعد معينة لتحقيق هذه الغاية، ولكن قد يرى القاضي بوقف تنفيذ العقد إلى أن يزول الحادث، أو أن يزيد الالتزام المقابل للالتزام المرهق؛ وهذا يبرز أكثر في حالات الارتفاع أو الانخفاض الفاحش في الأسعار، كما قد يقوم بالعكس فينقص الالتزام المرهق.