تَعَطُّشٌ..
قوّة الجسد وقدرته على القيام بما يُناط به من مهام ،ذاك أمرٌ يتطلَّب خطوات عدَّة على رأسها غذائه .. إلى جانب أخذه قسطًا من الراحة كافيًا وغير ذلك الكثير ..
فلو تعذّرت تلك الأمور أو بعضها فحينها يكون هذا نذير وهنه وتضائل همّته وجعله واقفًا لربّما على هاوية السقوط .
وهذا أمر يعرفه الصبية في كتاتيبهم ، قبل الفاحص والشاهد المجرِّب .
وبما أنَّ المرء كُوِّن من جسد وروح ، فالبديهيَّةُ تحتِّم التعامل مع هذين اللزيمن بشكل مختلف ومُغاير في الجملة والتفصيل .
لكنَّ العلَّة البشرية كامنةٌ في الظنِّ والزعم أيضًا أنَّ الطعام الشهيَّ -على سبيل المثال-وامتلاك الأموال الطائلة وجَوبُ العالم هو غاية الوجود ومنتهى الرغبة !
وحتّى لا أُنعت بمناقضة النفس ومخالفة الواقع ، فإنَّ تلك الآنف ذكرها هي أشياءُ تُحبُّها النفس وتميل لها ميلًا عظيمًا ولا اختلاف أو غرابة في هذا..
فما الغرابة إذًا؟!
هي بتقديري وحشة الروح وضيقها ذرعًا من ذلكم الجسد القاطنة به ، والمتمتّع المستلذِّ بكلِّ مايحلو له دون سؤالها عن اشتهاءاتها
عندها مهما يُبذل من عناية في مايسمّى “بالشكليات” فإنَّ الغربة تكبِّل تلك الروح بقيودها الأليمة الموجعة..
فلا تسلك فِجاج الهناء ما أُبقيت .. ولا قدرت على الشعور بالطمأنينة وبثِّ السلام لمن حولها..
الروح مخلوق هو آية في العجب .. يعتلُّ ويحزن ، يفرح ويسعد ، يرضى ويسأم
وكلّما دُلِّل الجسد ، زادت لوعة الروح وارتفع أنينها..
وبما أنَّ الله جلَّ وعزَّ ما خلق الأدواء إلّا وأنزل معها أدويتها ، فإنَّ تعبيد الطريق إلى خالق هذه الروح والعليم بأحوالها وتقلّباتها هو طوق النجاة الوحيد لكي يعيش الإنسان مُرتاحًا..قادرًا على فعال غاية وجوده..
فيا ربّنا عليك توكّلنا .. وإليك أنبنا .. وإليك المصير