في كثير من الأوقات نلجأ إلى إرضاء الآخرين أو في التفكير في سعادتهم وقد يصل الأمر إلى تقديم بعض التنازلات والتضحيات من أجل تحقيق ذلك الهدف متجاهلين أن ذلك يعني أنك تتنازل عن حقوقك وشخصيتك وسعادتك وللأسف دائما ما نترجم ذلك بمقولة أن سعادتنا في سعادة الآخرين أو الخوف من فقد ذلك الشخص، أن ما يحدث ما هو إلا داء ويحتاج إلى دواء للتخلص منه وخصوصاً أن بعض الأشخاص يستغلون نقاط الضعف تلك ويستغلون تقديم هؤلاء الأشخاص دوما للتنازلات، أن إرضاء الآخرين من أصعب الأمور التي تواجهنا في حياتنا، وخصوصا إذا ما اعتبرها البعض على انها واجبة علينا، فهي تسبب لنا قلقاً نفسياً شديداً، وذلك بسبب تضحيتنا بقناعتنا بأحب الأشياء الينا ونقدمها رخيصة الى أناس قد لا يستحقونها أو لا يقدّرون قيمتها، ومن أصعب التنازلات التي نقدمها أن تتأقلم على واقع تعيشه وهو يخالف رغبتك وطموحك وأن تتجاهل طموحاتك وذاتك من أجل تحقيق أحلام الآخرين، و المؤلم أن تستيقظ في يوم من الأيام أن من فعلت ذلك من أجلهم لا يستحقون العشر في المائة مما فعلت لأجلهم فتصاب بألم كبير وحسرة لا توصف، والمشكلة أن من تنازلت من أجلهم لا يعتبرها تنازلاً وإنما يعتبرها من صميم واجباتك وأن ما تقوم به هو فرض عليك، أن مفهوم التنازل يترجم بمعاني كثيرة فهو عند السياسي دبلوماسية، وعند الزوج حب، وعند الأب تضحية، لكن المشكلة ليست في تلك المسميات أو مدلولها بل المشكلة بالمتلقي لتلك التنازلات بأن يترجمها على أنها ضعف، أن تقدير الذات والثقة بالنفس هي من أهم السمات الشخصية البنَّاءة التي يتحلّى بها الفرد والتي تُعتبر حجر الأساس في الكينونة الذاتية السليمة له وممّا لا شكّ فيه أنّ كل نجاح يحققه الإنسان يكون سببه الأوّل والأساسي بعد التوكّل على الله عزّ وجل هو ثقة الإنسان بنفسه وتقديره لذاته، وقُدرته على تجاوز المشكلات والتحدّيات بقوة وثبات دون تنازلات، فهما مُصطلحان يعبران عن التوافق النفسي، مما يولد لدينا سعادة النفس من أجل النفس وليس من أجل الآخرين والأيمان المطلق أن سعادتك مقدمه على سعادة الآخرين، فحاول دائماً أن تأخذ جرعتك من السعادة دون النظر في الآخرين فمن تبحث عن سعادته اليوم وتقدم من أجله التنازلات سوف يتركك أذا لم تحقق له تلك السعادة أو أصبحت لا تستطيع تقديم المزيد له بل أن البعض يسبب لك الكثير من الحزن عندما لا تستطيع أن تقدم له شيء، حتى تتمكن من ممارسة حياتك بشكلٍ طبيعي عليك بإسعاد نفسك، فسعادة النفس ليس غاية فقط بل هي أيضًا وسيلة للحياة، ولا تجعل من حياتك مرتبطة بأشخاص وعليك أن تعلمي أن السعادة تنبع من داخلك وليس من الآخرين، فإن لم تتمكن من صنعها لنفسك لن يصنعها لك الآخرين و أن تضع يقينك في نفسك لا في أحد غيرك، فجمال الحياة بما نقدمه لأنفسنا لا بما يقدمه الآخرين لنا.
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com