بمنتصف شهر الله المحرم يكون جل حجاج بيت الله الحرام قد غادرو مكة المكرمة إلى اوطانهم سالمين غانمين -باذن الله تعالى- فمنتصف محرم هو الموعد المحدد لمغادرة اخر ضيوف الرحمن للمملكة العربية السعودية بعد ان يكونوا قد أدو مناسك حجهم الذي يبداء مع قدومهم لمكة المكرمة بالطواف وحتى مغادرتهم لمكة المكرمة شرفها الله بالطواف ” وهذا الطواف الاخير .. هو طواف الوداع” ليكون اخر عهدهم بالبيت الطواف وهم يسألون الله ان يتقبل منهم وان لا يكون ذلك هو اخر عهدهم بالبيت .. وبين طواف القدوم وطواف الوداع .. الطواف الأهم للحاج وهو طواف الحج او طواف الافاضة الذي هو ركن من اركان الحج بعد الإحرام و الوقوف بعرفة ..
.. ولا شك فإن الحاج وهو يغادر مكة المكرمة ستظل لحظات الطواف عالقة في ذهنه مدى الحياة، كما ستظل ذاكرته تحمل الكثير من الصور والذكريات عن الكعبة المشرفة ، و البيت العتيق ، وعن تلك اللحظات التي شاهد فيها الكعبة لأول مرة ، وعن اصوات التلبية المختلطة بالمشاعر الايمانية الصادقة ، والدعوات الخارجة من القلب وهي تسأل الله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وعملا صالحا مقبولا وتجارة لن تبور .. وستظل ذاكرة الحاج تحمل الكثير من التفاصيل عن بيت الله الحرام .. عن الملتزم ، وحجر اسماعيل ، واستار باب الكعبة.. ، وعن الحجر الاسود ، ومقام ابراهم اللذان هما ياقوتتان من ياقوت الجنة .. عن زمزم .. وماء زمزم الذي هو خير ماء على وجه الأرض .. وعن الصفا والمروة والسعي بينهما .. عن البلد الأمين الذي اقسم الله به في كتابه الكريم ..عن مكة المكرمة بكل تفاصيلها .. عن ارضها و جبالها ووديانها ..عن جبل الرحمة ذلك الجبل الذي وقف عنده الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات ، وقال وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف الا بطن عرنة.. وعن جبل النور الذي شرفه الله بأن نزل عليه الوحي جبريل عليه السلام وفيه غار حراء حيث بداية نزول القرآن ب “اقراء باسم ربك الذي خلق ” و عن جبل ثور الذي شهد جهرة الرسول الله صلى الله عليه وسلم مع رفيق دربه الصديق رضي الله عنه، وفيه الغار الذي قال فيه الله تعالى فيه ” ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لاتحزن ان الله معنا ”
وعن الكثير من المواقع التاريخية والاسلامية .. وعن أحياء مكة ومساكنها خاصة تلك التي سكن فيها الحاج او بالقرب منها .. نعم ستظل ذاكرة الحاج ممتلئة بالمشاهد عن مكة المكرمة واهل مكة ، وعن ناسها واجناسها ، وعن معاملاتهم و تعاملاتهم معه ، وعن الاسواق التى زارها وعن الاكلات والاطعمة التي تناول منها.. وعن الكثير من الذكريات والأحداث التي عاشها خلال تلك الأيام المعدودات في مكة المكرمة وفي منى وعرفات ومزدلفة .. ولعل من أكثر ما سيظل عالقا في ذهن الحاج هو نعمة الأمن والأمان في رحلة الاطمئنان التي عاشها في رحاب البيت الحرام منذ أن وطأة قدماه ارض المملكة العربية السعودية وحتى مغادرته لها .. كما ستظل صور الكرم المكي وخاصة برامج سقاية الحاج والرفادة المنتشرة في كل مكان من مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تحت اشراف إمارة منطقة مكة المكرمة .. ستظل هذه الصور المزدحمة رقراقه كالماء البارد الذي يجده الحاج مجانا في عز الظهيرة تحت اشعة الشمس الحارقة في طرقات مكة “خاصة تلك المؤدية من وإلى المسجد الحرام” ، إضافة الى الانواع المختلفة من الوجبات الجافة والساخنة والفواكه الطازجة التي اعتاد المكيون من الأفراد او الجمعيات الخيرية على تقديمها لضيوف الرحمن ابتغاء وجه الله ، ستظل هذه الصور عالقة ولاشك في ذهن الحاج مع آلاف الصور المزدحمة في ذاكرته والكثير من المواقف والمناظر الجميلة التي ارتسمت عن الحج والحجاج ،وعن الجموع الغفيرة من المسلمين الذين ستظل ألسنتهم تلهج بالدعاء لحكومة المملكة العربية السعودية ولمكة ولأهل مكة نظير ما وجدوه من يسر وتيسير لأداء فريضة حجهم ..
فهنيئا لمكة ولأهل مكة هذا الشرف العظيم وهنيئا لحكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله هذا الشرف العظيم ولمستشار خادم الحرمين الشريفين امير منطقة مكة المكرمة ولسمو نائبه ولكافة العاملين على راحة الحجيج .. فكلمات الشكر لا تفي حقهم..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وناقد صحفي
التعليقات 2
2 pings
زائر
08/08/2022 في 5:51 م[3] رابط التعليق
يحرص الزميل العزيز عادل قاضي ان تحمل طلته الاعلامية رسائل اجتماعية وانسانية وتكون اكثر حميمية وصدقا عندما يتحدث عن مدينة النور ومهد رسالة الهداية للبشرية مكة المكرمة ، وكان موضوعه الاخير اجمل لانه جاء بعد فترة عصيبة جدا دامت عامين انقطع الناس فيها عن مهوى افئدتهم وقبلتهم التي يتوجهون اليها خمس مرات يوميا، ومثلت عودة المعتمرين والحجاج الى مكة فرحا ليس له مثيل
عبدالله الحرازي
زائر
13/08/2022 في 8:48 م[3] رابط التعليق
رحلة في ذاكرة المكان سجلها الاستاذ عادل قاضي للحاج بحكم خبرته وريادته في مجال خدمة ضيوف الرحمن وبريشة الخبير الإعلامي المتخصص في إعلام الحج .. دمت موفقًا..