الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ، نبينا وحبيبنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد : فمن خلال عملي في القطاع غير الربحي قرابة ثلاثة عقود من الزمن ، متطوعاً حيناً أو متعاوناً بدوام جزئي حيناً آخر، كنت أشاهد كثيراً من الإخوة العاملين في هذا القطاع المبارك يشتكون من تأخر استلام رواتبهم ، كما يشتكي بعض الإداريين من عجزهم عن سداد إيجار مقر الجمعية ويبحث عمّن يفزع من المحسنين وينقذ الموقف بسداد الإيجار عن الجمعية ، فكنت أسأل نفسي كثيراً لماذا لا نسمع مثل هذه الشكوى من موظف يعمل في مؤسسة أو شركة ؟! ـ وإن كان يوجد أحياناً لكن لا يكاد يذكر مقارنة بمنسوبي الجمعيات خاصة الناشئة ـ ولماذا لا نسمع تاجراً أو مؤسسة أو شركة تشتكي من عجزها عن سداد الالتزامات؟! – وإن كان توجد منشآت ربحية أعلنت إفلاسها ـ ولتقريب الصورة وتوضيح الهدف من المقال سنضرب مثالاً مشاهداً على منتج يشترك القطاع الربحي وغير الربحي في إعداده وتسويقه وتقديمه للمستفيد أو المستهلك ألا وهو السلة الغذائية خاصة ونحن على قرب شهر رمضان المبارك – نسأل الله تعالى أن يبلغنا وإياكم ونحن في أحسن حال على ما يحب ربنا ويرضى – فالسلة الغذائية تحتوى على أصناف غذائية مختلفة كالأرز والسكر والزيت والحليب … إلخ ، فكل مصنع يصنع منتجاً من هذه المنتجات يحمّل هذا المنتج جزءاً من التكلفة ليبيع هذا المنتج بهامش ربح ، والتاجر أيضاً عندما يشتري من المصنع هذه الأصناف ثم يتعاقد مع إحدى الجهات الخيرية لتأمين وتوريد ١٠٠٠ سلة ، كل سلة بقيمة ٢٠٠ ريال على سبيل المثال فهو يقوم بتحميل أصناف السلة الغذائية جزءاً من التكلفة ليبيعها على الجمعية بهامش ربح كذلك ، فهو لا يمنع نفسه من الربح والاستفادة عندما يبيع على الجمعية ، ولكن المشكلة نجد كثيراً من الجمعيات عندما يقومون بتسويق السلة الغذائية لا يضيفون على السلة التكاليف التشغيلية فيعرضونها على المحسنين بنفس تكلفة التاجر أي ب ٢٠٠ ريال ، فتحدث المشكلة وهي أن الجمعية عندها مشاريع وخدمات تقدمها ولكن لا تستطيع ربط المصروفات التشغيلية بالخدمات والبرامج التي تقدمها ، وعندها تحدث الكارثة – لا قدّر الله – وهي ظهور المصروفات الإدارية والتشغيلية في القوائم المالية أعلى من الأنشطة والبرامج التي تنفذها الجمعية ،وكان من المفترض عند تصميم أي منتج قبل تسويقه أن يشارك أعضاء الإدارة التنفيذية – خاصة المالية – في تسعير المنتج قبل تسويقه وتحميله جزءاً من التكلفة ، ثم يتم تسويقه بعد ذلك ، فالإدارة المالية في المنظمات غير الربحية لها دور مهم وبارز في توجيه وإعانة الإدارة التنفيذية – خاصة المشاريع والتسويق – لتخصيص وتوزيع تكاليف المنظمة غير الربحية على الخدمات والبرامج فيكون تسعير المنتج أو الخدمة مبنياً على معايير محاسبية دقيقة ثم يتم التسويق بعد ذلك ، وبالتالي تكون المنظمة غير الربحية بهذه المنهجية استطاعت زيادة إيراداتها وتعظيم أنشطتها وبرامجها وتقليل مصروفاتها بتحميلها على الأنشطة والبرامج ، وهذه هي فائدة دراسة وتعلم تخصيص التكلفة في المنظمات غير الربحية ، أرجو أن أكون قد وُفقت في إيضاح الفكرة وتقريب الصورة وبيان الهدف من المقال ، فإن أصبت فمن الله وحده لا شريك له ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأختم بالصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أخوكم | عبدالله بن عبود بن سالم باحداد
مادة تخصيص التكلفة في المنظمات غير الربحية
إشراف الدكتور / إبراهيم بن علي المحسن
