الأمان لأهالي مكة

في ذكرى يوم التأسيس تأخذنا الذاكرة لنقلب صفحات التاريخ نقرأ فيها ما دونته الأقلام وسجله المؤرخون والرحالة عن جزيرة العرب ومعاناة أهلها وصعوبة التنقل بين أطرافها ، وبين قراءة في كتاب وأخرى في مذكرة ، جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ باعتماد يوم 22 فبراير من كل عام للاحتفاء بتأسيس الدولة السعودية ، ليتذكر الأبناء ما عاناه الأجداد من صعوبات ، وما واجهوه من متاعب في معيشتهم .
والقارئ لتاريخ الدولة السعودية الاولى يلحظ أنها استهدفت القضاء على الجهل الذي كان سائدا ، والمتمثل في ظهور العديد من الخزعبلات والشركيات ، فتحالف الإمام محمد بن سعود مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب لنشر العلم والقضاء على الشركيات المنتشرة في الجزيرة العربية ، واتخذا القرآن الكريم وسنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم نهجا ودستورا .
وتاريخ الدولة السعودية الأولى في مكة المكرمة ، كان فترتين الأولى امتدت ما بين 8 محرم حتى أواخر شهر ربيع الأول 1218 هــ / 1803 م
أما الثانية فكانت سبع سنوات امتدت ما بين سنة 1221 هــ حتى سنة 1227 هــ .
وخلال هاتين الفترتين كانت هناك مواقف خالدة لقادتها ، ففي الوقت الذي كان المجتمع المكي يعاني من الحصار الاقتصادي وغلا الأسعار أدرك الأمير سعود بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ ما لحق بالمجتمع المكي من ضرر وتخلخل حتى قبل أن يدخل مكة في المرة الأولى، فأراد أن يهدئ من روعهم، وأن يطمئنهم ، فأرسل رسالته التي منحتهم الأمن والأمان ، وتقول الرسالة الموجهة لكافة أهالي مكة المكرمة والأغوات والعلماء وقاضي السلطان على ما يلي :
” السلام على من اتبع الهدى، أما بعد.
فأنتم جيران الله وسكان حرمه، آمنون بأمنه، إنما ندعوكم لدين الله ورسوله: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون»، فأنتم في وجه الله ووجه أمير المسلمين سعود بن عبدالعزيز، وأميركم عبدالمعين بن مساعد، فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع الله والسلام ” .
و ” عندما تجمع الناس، وكان من بينهم بعض علماء مكة، خطب فيهم الأمير سعود بن عبدالعزيز خطبة طويلة… وفي ختام الاجتماع طلب منهم الأمير سعود البيعة ثم جلس، فبايعه الشريف عبدالمعين ثم المفتى عبدالملك القعلي، ثم القاضي ثم بقية الناس ” .
واحتفالنا اليوم بيوم التأسيس هو تعزيز للقيم والمعاني وترسيخ للاعتزاز بالإرث الثقافي والاجتماعي، والافتخار بتاريخ الوطن العظيم، وحضارته وتراثه ورموزه وقيمه الوطنية الراسخة ، ودليل على إبراز الإرث والعمق التاريخي لهذه الدولة منذ تأسيسها حتى وصولها لهذا العهد الزاهر عهد التطوير والبناء والتنمية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com