قبل التحاقي للعمل الصحفي بجريدة النـدوة ، كنت أراسل صفحة ” عزيزي المحرر ” التي يحررها الأستاذ سراج عباس حياة ـ يرحمه الله ـ ، وكان جل ما أكتبه يتناول قضايا اجتماعية ، تارة بالنقد ، وتارة أخرى بالإشادة .
واذكر أنني أرسلت مرة للأستاذ حامد مطاوع مقالا ارد فيه على ما كتبه أحد الكتاب في جريدة النـدوة ، وكنت أتوقع عدم نشره لعدة أسباب أولها أنني كاتب ناشيء وأرد على كاتب معروف !
لكن لدى الأستاذ حامد مطاوع ـ يرحمه الله ـ ليس هناك كاتب ناشيء ، ولا كاتب معروف ، فالكل سواسية ، وهذا ما شجعني أكثر على مواصلة مشواري الصحفي والعمل تحت قيادته فترة بسيطة .
وحامد مطاوع ـ يرحمه الله ـ عرف بشخصيته القوية والوقورة ، يحترم الجميع ، لا يخشى في الحق لومة لائم ، حريص على نقل الوقائع دون رتوش أو مجاملة ، لذلك كان يطلق عليه ” اسد الصحافة ” .
واسد الصحافة السعودية من مواليد حي شعب علي بمكة المكرمة عام 1347هـ ، توفي والده وعمره لم يتجاوز الثلاثة أعوام فنشأ لدى والدته .
بدأ حياته التعليمية حينما ألحقه جده بحلقات المسجد الحرام ليتعلم القراءة وحفظ القرآن الكريم ، ثم التحق بعد ذلك بالمدرسة الرحمانية ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات وتخرج منها عام 1364هـ / 1365هـ ، ليلتحق بعدها بالمؤسسة العلمية للثقافة الشعبية عام 1367هـ ويدرس علم الاقتصاد وإدارة الأعمال و الشؤون المحاسبية .
وعرف الأستاذ / حامد مطاوع ـ يرحمه الله ـ بالصدق في القول ، وفي قصته مع الشيخ عيسى رواس ـ يرحمه الله ـ تأكيد لذلك ، إذ يقول : (وذات مرة دعاني الشيخ عيسى رواس بعد أن انتهى من حلقة الدرس , وكان يدرس عند باب الدريبة بالقرب من باب السلام الكبير فاستدعاني , وقال لي : تعال ياولد , مالي أراك تقف تارة ثم تمشي لم لا تقعد وتستفيد ؟ فقلت له أنا صغير في المدرسة لاأعي مايقال هنا . فقال إذهب إلى دكان عبد الصمد فدا – الله يرحمه – واشتر كتابا صغيرا اسمه” الأجرومية في النحو ” ثم عد إلي به فقلت له : لاأملك من النقود مايمكنني من شراء ” الأجرومية ” ثم ذهبت إلى خالي وقصصت عيه مادار بيني وبين عيسى رواس , فقال لي : ما الذي دفعك إلى الذهاب إلى حلقته ؟ فقلت له : والله هذا ماحصل , فما كان من خالي إلا أن ناولني ريالا وقال : اذهب واشتر الأجرومية ؛ لقد كان الريال في تللك الأيام يكفي الأسرة , فذهبت واشتريت الأجرومية وعدت إلى الشيخ عيسى وأريته الكتاب , فقال : اقعد واقرأ ؛ فقرأت له بعض سطور من الأجرومية وشرحها لي وقال لي : غدا احضر مصطحبا دفترا صغيرا لتلخص فيه وتكتب مالم تستطيع فهمه .
وحضرت اليوم الثاني ومعي الدفتر وقد دونت به ما لم افهمه , ثم واصلت الجلوس في حلقته أدرس وألخص في الدفتر الذي معي إلى أن انتهيت من الأجرومية , عندئذٍ أمرني بشراء كتاب اسمه : ” شرح ابن الحاج على الأجرومية ” , فاشتريت الكتاب , وبدأت فيه إلى أن انتهيت منه , ثم قـــال : عليك بشــراء كتاب اسمه : ” شرح ابن عقيل ” فاشتريته وواصلت الدراسة؛ وقد سببت لي الدراسة الخاصة بالمسجد الحرام موقفاً حرجاً مع الشيخ علي جعفر ( الله يرحمه ) الذي كان يقوم بتدريسنا مادة النحو , وفقاً لما هو مثبت في كتاب النحو الواضح , ففي الاختبار النهائي لتلك السنة ورد سؤال عويص يتضمن إعراب اسم مُحلّى بأل جاء بعد اسم إشارة , فكتبت في ظهر الورقة بيتاً من واقع حفظي من دراستي بالمسجد الحرام هو :
وإن أتاك اسم معرف بأل بعد إشارة فقل فيه بدل
وأعربت الكلمة ـ موضوع السؤال ـ على ضوء هذا البيت ؛ وفي اليوم الثاني استدعاني الأستاذ جعفر باعتباره أستاذ المادة , وقال لي : لقد وُجد في ظهر ورقتك أنك كاتب .
وإن أتاك اسم معرف بأل بعد إشارة فقل فيه بدل
فمن لَقَّنك هذا الكلام ؟ فشرحت للأستاذ الحقيقة من ألفها إلى يائها . وخشيت أن يتسبب ذلك في رسوبي , لكنه طمأنني وهدأ من روعي وقال لي : استمر في دراستك هذه ) .
بدأ حياته العملية مساعداً لرئيس شعبة بالمديرية العامة للحج بوزارة المالية سابقاً عام 1367هـ ، ثم أميناً لصندوق جريدة البلاد السعودية عام 1372هـ , ثم مُحاسباً ، فموظفاً في صحيفة صوت الحجاز (البلاد) حالياً عام 1374هـ ، واصبح عضواً في مؤسسة مكة للطباعة والإعلام عام 1383هـ ، وعين نائباً لرئيس تحرير جريدة الندوة عام 1383هـ ـ 1384هـ ، ثم رئيساً لتحريرها عام 1384هـ ليستمر بهذا المنصب حتى عام 1406هـ .
عين عضوا بمجلس منطقة مكة المكرمة ، كما شغل العديد من العضويات بالجمعيات والمؤسسات الخيرية والتجارية .
منحه ملك المغرب الملك الحسن الثاني ـ يرحمه الله ـ وسام بدرجة قائد .
مؤلفاته : فيصل وأمانة التاريخ ، شيء من الحصاد ، المقال والمرحلة .
توفي أوائل ربيع الاخر عام 1431هـ ، تاركا خلفه محبة الناس ودعاؤهم له ، رحمه الله واسكنه فسيح جناته وغفر له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com
التعليقات 2
2 pings
زائرد. سمير بن أحمد صالح باعيسى المخزومي
28/03/2023 في 10:16 م[3] رابط التعليق
والدته هي عمتي ( أم الفرج بنت صالح أحمد باعيسى المخزومي ) ، وجده هو جدي صالح بن أحمد باعيسى المخزومي .
زائرد. سمير أحمد باعيسى المخزومي
28/03/2023 في 10:28 م[3] رابط التعليق
عندي صورة نادرة للإستاذ حامد وهو صغير يقف بجوار والدي رحمهمها الله . لو تحب أرسلها لك .