بمتابعة وإشراف من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ، أعلنت المملكة مؤخرا ، حرباَ ضروساً وشاملة على المخدرات ذلك السرطان المخلق الذي يبذر الخراب ويزرع المرض ويحصد الأرواح ويُضيع شباب الأمة، حيث انطلقت في الأول من شوال الجاري الحملة الوطنية لمكافحة المخدرات والهادفة إلى توعية المجتمع بخطورة تعاطي المخدرات وتحذيرهم من آثارها الضارة على الصحة والمجتمع والاقتصاد.
وتتضمن هذه الحملة جهوداً متعددة المجالات والمراحل، تشمل: التوعية والتثقيف بأهمية الوعي بمخاطر المخدرات، والتأثيرات الصحية والاجتماعية الخطيرة التي تترتب على تعاطيها، بالإضافة إلى تطوير برامج العلاج والتأهيل للمدمنين وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم وأسرهم.
وتتسق هذه الجهود المباركة مع “رؤية المملكة 2030 ” الرامية إلى تحقيق المستقبل الأفضل للمجتمع السعودي والتنمية المستدامة في البلاد، من خلال تحسين جودة الحياة وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وكان لافتا ً للنظر أن الحملة التي انطلقت مع أول أيام عيد الفطر المبارك قد اتسمت بالحزم والصرامة من خلال التشريعات التي دعمتها القيادة الرشيدة – أيدها الله- والتي تحرك تحت مظلتها رجال الأمن من أجل حماية المجتمع من هذا السرطان، وسد الطريق أمام من يستهدف أبناء الوطن.
ومما يعزز فرص نجاح هذه الحملة الشاملة ما لقيته من ترحيب واهتمام شعبي، وهو ما سينعكس على دور المواطن في التعاون مع هذه الحملة والإبلاغ عن كل مشتبه؛ لننعم بوطن خاٍل من المخدرات.
هذا على المستوى الحركي.. أمنياً ومجتمعياً، أما على المستوى الديني فإن تعاطي المخدرات أو الاتجار بها – بالقطع- حرام شرعا فالله – تعالى – إذا ً حرم شيئًا حرم بيعه وأكل ثمنه لما روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال: ” وإن الله حرم إذا حرم شيئا حرم ثمنه ” ( رواه ابن حبان ) .
ومَّما هو مقرر عند فقهاء المذاهب أن كل ما أفضى إلى الحرام فهو حرام . َ
وقد بيَّن العلماء أن الشريعة الإسلامية الغّراء إنما جاءت للمحافظة على ضروريات الحياة الخمس، وهي: الدين والنفس والنسل والعقل والمال. وهذا الحفظ الذي جاءت به الشريعة له مستويان: الأول.. مستوى الحماية والمقصود به الوقاية وإبعاد الأضرار، والثاني.. مستوى الرعاية والمقصود به السعي لتحقيق الغاية المرجوة وهي العبادة المطلقة لله – تبارك وتعالى-.
والعقل من أهم مقاصد الشريعة لأنه مناط التكليف الشرعي؛ فمن فقد نعمة العقل ُرفع عنه التكليف، لذا وجب الحفاظ على العقل، والذي تذهب به المخدرات ـ قطعا-، ومن ثم فهي ُمصاِدمة للدين الآمر بمنع كل ضار بالفرد والمجتمع، لا سيما وأن العلماء لايزالون يكتشفون المزيد مما يتعلق بالآفات الجسيمة للمخدرات ، سوا على الدماغ أو على القلب أو على سائر أعضاء الجسم.
ومن دلائل تحريم المخدرات في الشريعة الغّراء قوله تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { المائدة 90
فالمخدرات تلتقي مع الخمر في علة َالتحريم ، وهي الإسكار بإذهاب العقل. وكذلك قوله تعالى } يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ { الأعراف ( 157 ) ، ولا يُمكن لعاقل أن يُصنِف المخدرات إلا مع الخبائث. كذا قوله تعالى : {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}( البقرة 195 ) ، فمن المبادئ الأساسية في الإسلام الابتعاد عن كل ما هو ضار بصحة الإنسان ، والمخدرات تؤدي بالطبع إلى أضرار جسيمة : جسديا ونفسياً ً واجتماعياً.
ويؤكد ما سبق ما روته أم سلمة – رضي الله عنها- قالت: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر و ُمفَتّر ” ( رواه أبو داود ) .
والمخدرات بأنواعها مفترة بل فاتكة بالعقول والأجساد.
وجاء السيدة عائشة – رضي الله عنها- أنها قالت: “إن الله لا يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها؛ فكل شراب تكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر” ( أخرجه الدارقطني ).
وقى الله بلادنا وشبابنا أضرار المخدرات، وسدد خطا القيادة الرشيدة -أيدها الله- في استئصال هذا الضرر، وبارك في جهود رجال الأمن لحماية بلادنا من شر هذا السرطان اللعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• كاتب سعودي، عضو مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية
للتواصل khalid.alawii@hotmail.com
كلمات نقية ومعني سديد . نفع الله بكم وبعلمكم وزادكم فضلاً ♥