قال الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (سورة الرحمن، الآية60)، قال الله تعالى: (لهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّـهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (سورة الزمر، الآية 35،34)، من أرقي وأجمل المشاعر الإنسانية صنع المعروف والجميل والاعظم من ذلك رده والاحتفاظ به فتلك الصفة النبيلة يمتلكها أصحاب النفوس الرفيعة أن رد الجميل والمعروف سمة وصفة نبيلة وحميدة يتحلى بها الفرد الكريم وصاحب النفس الرفيعة الطيبة وخلق من الأخلاق العظيمة، حتى العلي القدير وعد في كتابة الكريم جزاء المحسنين يوم القيامة كما أحسن في الدنيا، سيجزيه الله فضلاً وكرماً ورحمةً، وله ما تشتهيه أنفسهم في الجنة ومغفرةً وأجراً عند ربهم يوم القيامة، أن الاحسان ورد المعروف له العديد من الصور ومن أعظم صور الإحسان مع الله وأفضله هو الإحسان مع الله في العبادة وهو الإيمان بالله وتوحيده وطاعته واتّباع شرعه واليقين به سبحانه وتعالي فاليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ومن صور الاحسان التي أمر الله بها الإحسان للوالدين قال الله تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا) (سورة الإسراء، الآية 23) ويكون الإحسان إليهما بي البر والصلة وكسب رضاهما وعدم التقصير في حقهما ولهذا الإحسان صور كثيرة طاعتهما فيما يأمران به وتوقيرهما والتذلّل لهما والدعاء لهما سواء في حياتهما أو بعد موتهما والإحسان إلى الأقارب و صلة الرحم، ومن صوره أيضاً الإحسان إلى الجار الذي يحقق مبدأ التعاون والتواصل والود والشعور بالسعادة، وقد حث الإسلام على الإحسان في معاملة الجار وأن كان غير مسلم فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة ابن جاره اليهودي وإكرام الجار له صور عديدة تكون بحسن العشرة وكف الأذى عنه وزيارته عند المرض، ومن صوره الجميلة الإحسان إلى الفقراء واليتامى والمساكين محقق بذلك مفهوم مبدأ التكافل قال الله تعالى : (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) ( سورة الفجر ، الآية 17)، وقد حثت الشريعة الإسلامية على الاحسان بصفة عامة بين كل الناس وله كثير من الأوجه ودليل على ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) صحيح البخاري، أن سلامة الناس إحسان وسلامة الناس من غيبة اللسان إحسان، ومن أهم صور الإحسان هو الإحسان إلى النفس حيث أن جميع صور الاحسان تصب في الإحسان إلى النّفس، فالمحسن بوالديه والفقير واليتيم والمحتاج والبعد عن الحرام وتزكية النفس وتطهيرها، وفعل الواجبات والإكثار من الصدقات، والابتعاد عن الشبهات، وفعل الطاعات، وأداء الصلاة، كل تلك الأمور هي احسان للنفس قال الله تعالى: (إِن أَحسَنتُم أَحسَنتُم لِأَنفُسِكُم وَإِن أَسَأتُم فَلَها)، ( سورة الاسراء، الآية7)، وقد جاءت الشريعة بالحث على اجمل صور الاحسان حتى مع الحيوان حتى عند قتله أن كان من الأنواع التي تؤكل حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)،عن الشعبي رحمه الله قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: «إن الإحسان ليس أن تحسن إلى من أحسن إليك، إنما تلك مكافأة بالمعروف، ولكن الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك»، وفي ذلك يحث الإسلام، المؤمنين على مقابلة الإساءة بالإحسان، حتى تسود روح المودة والأخوة والمحبة بين الناس، ولا تظهر الشحناء والبغضاء والكراهية بين البشر، امتثالاً لقوله تعالى: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (سورة فصلت: الآية 34)، ومن أجمل صور الاحسان وروعها الاحسان مع من أساء إليك وجاء التوجيه الإلهي لمعالجة الشحناء والبغضاء بين الناس بالإحسان وأن تجعل السيئة مقابلها حسنه حتى تسود روح المودة والأخوة والمحبة بين الناس قال تعالى:( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (سورة فصلت: الآية 34)، عن الشعبي رحمه الله يقول كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: ( إن الإحسان ليس أن تحسن إلى من أحسن إليك إنما تلك مكافأة بالمعروف ولكن الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك)، أن الاحسان من أسباب محبة الله ورضاه قال تعالي ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (سورة البقرة: الآية 195)، ومن عظم الاحسان في الإسلام أن الله جمع بين العدل والإحسان قال تعالي ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (سورة النحل: الآية90 )، والجدير بالإشارة هنا إلى أن الاحسان لا يقف فقط على المحسن بل على الطرف المقابل فمن احسن إليك فأحسن إليه هذا هو المطلوب وكمال الارتقاء بالعلاقات بين الناس قال الله سبحانه وتعالى ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (سورة الرحمن، الآية60) وقال سبحانه وتعالى ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (سورة يونس، الآية26) فالإحسان إلى من أحسن إليك أمر واجب عليك قال تعالى في قصة قارون:( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ) (سورة القصص، الآية77) وقال عليه الصلاة والسلام: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجد ما تكافئونه فدعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه)
بندر عبد الرزاق مال
مستشار وباحث قانوني
عضوية المجمع الملكي البريطاني للمحكمين
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com