نقف على أعتاب موسمٍ ديني عظيم ألا وهو الحج، هذه الأيام العظيمة المُباركة التي يتوافد فيها المسلمون من كُل بقاع الدنيا إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، والذي تُنفق خلاله الدولة -رعاها الله- مئات الملايين من الريالات للجهات التي تُعنى بخدمة حُجاج بيت الله الحرام من الداخل والخارج، ولا تذخر جُهدًا في توفير كُل متطلبات ضيوف الرحمن وتوفير الراحة لهم، وهذه الجهود تتمثل في سواعد أبنائها من موظفي الدولة ومن الشباب الذين يُشاركون في خدمة الحجاج كمتطوعين، مبتغين في ذلك الأجر من الله واكتساب خبرات في ميدان الأعمال التطوعية؛ تدعم تطوير ذواتهم والمضي بها قدمًا نحو الرفعة والاتزان.
إن ما يحدث في ميادين الأعمال التطوعية من استغلال لطاقات الشباب لأغراض ربحية بحتة لهو شيء يندى له الجبين، ويرفضه كُل ذي ضمير حي، فمع بدء الأعمال التمهيدية لاستقبال حجاج بيت الله الحرام بدأت بعض الجمعيات التي تملك السُلطة على هؤلاء الشباب المتطوعين باستغلالهم بأبشع الأساليب تحت مُسمى: (الدين وتحصيل الأجر من الله)، حيث تقوم بعض هذه الجمعيات بتوفير كوادر شابة متطوعة وتُسلمها للعمل تحت مظلة شركات ومؤسسات ربحية بحتة، في منظرٍ تجردت منه معاني الإنسانية والضمير الحي ليتم التلاعب بهؤلاء الشباب مُقابل صفقات تُدار من تحت الطاولة، يذهب ضحيتها هؤلاء المتطوعين، والذي أعتبر أن التصرف معهم بهذا الأسلوب لايختلف عن بشاعة الاتجار بالبشر.
تلك الشركات تكون قد تسلمت من الدولة أو من بعثات الحج مبالغ ضخمة مقابل تشغيلها لمهماتها المنوطة بها، ثم تأتي هذه الجمعيات وتُشارك بقصد أو بدون قصد في استغلال هؤلاء الشباب والشابات الذين دفعهم حبهم لعمل الخير وتُسلمهم لهذه الشركات أو المؤسسات ليعملوا لها دون مُقابل، ويكون بذلك ربحها تضاعف إلى الضعفين حيث تناقصت مدفوعاتها بأيدي هؤلاء المتطوعين ، أليس الأجدر بهذه الجمعيات التي تُعتبر مؤتمنة على هؤلاء الشباب أن توجههم للعمل تحت مظلة الجهات الحكومية؟!
لتكون بذلك قد دعمت جهود الدولة بتخفيض مدفوعاتها بسواعد أبنائها .
ثم من المستفيد وراء قيام تلك الجمعيات باستغلال هؤلاء المتطوعين ؟
وماهي فائدة تلك الجمعيات في تسخير إمكانيات المتطوعين لتلك المؤسسات؟
أسئلة مُحيّرة وأمور تُثير الريبة قبل الاستغراب.
إن بلادنا -حفظها الله- تسعى لتنمية ودعم العمل التطوعي لكي يصل لمصاف الدول المتقدمة في هذا المجال فقد سعت المملكة في رؤيتها ٢٠٣٠ لوضع خطة لتطوير العمل التطوعي وزيادة عدد المتطوعين ووصولهم إلى مليون متطوع خلال فترة تنفيذ الرؤية .
فهل ما يتم الآن من استغلال للمتطوعين في أعمال ومجالات ربحية واضح وضوح الشمس في رابعة النهار سيكون طريقاً لبلوغ وتحقيق هدف الرؤية ونجاحها في توفير هذا العدد من المتطوعين؟
أم سيكونوا عائقًا أمام هذا الهدف بتنفير الشباب والشابات من الأعمال التطوعية بسبب سوء إدارتهم ومحاباةً لأطماعهم؟
إنه من الضروري أن يتم وضع أُسس وأنظمة صارمة تُنظم الأعمال التطوعية وطريقة إدارتها وتوجيهها التوجيه الأمثل الذي يحقق الرفعة لهذا البلد المعطاء، وتسخير جميع الإمكانات وتطويعها في سبيل خدمة وحفظ حقوق هؤلاء المتطوعين ليتمكنوا من آداء مهامهم التطوعية على أكمل وجه، ثم إنه لمن المهم أيضًا أن يتم التدقيق والتحقيق لُكل من تسول له نفسه استغلال المتطوعين في أعمال ربحية بحتة.
التعليقات 1
1 ping
زائر
05/06/2023 في 2:17 م[3] رابط التعليق
احسنت لا فوض فوك فعلا كلامك في الصميم ونأمل من الجهات المنظمة الحكومية معاقبة المستغلين