قد يكون مصطلح عنوان المقال غريباً لكن عند فهم المضمون تتضح الصورة، عندما تتقدم بنا الحياة نكون قد مررنا بكثير من التجارب ووقفنا عند كثير من المحطات تسببت في نضوج مشاعرنا وأن نكون أكثر اتزاناً من قبل وبحكمة بالغة أكثر عقلانية حينها ندرك أننا في حاجة ماسة في الحصول على صفاء الحب ولكن دون استنزاف وبرغبة ملحة بمشاعر صادقة لكن بشرط ألا نستهلك في مواقف الحياة مع أناس ربما لا يستحقون أن نبادلهم العاطفة الصادقة أو نصغي لمشاعرهم الخادعة وأن تلك المشاعر لابد أن نعتدل فيها ونعطيها لمن يستحقها لتلك القلوب الصافية التي تبادلك الحب لحظة بلحظة ولا تغدر بك في مسير الحياة، انتبه من أن تكون ممن يجيدون العطاء من يبذلون من وقتهم ومشاعرهم الكثير من اجل الآخرين لا يهمهم كثيراً المقابل الذي سيحصلون عليه بقدر ما يكفيهم انهم اعطوا انهم كانوا أذنا تجيد الاستماع حين الحاجة ويداً تسند جسداً حتى لا يقع وعقلاً يفكر وذاك يتمتع بحياته مؤمن أن هناك من يقوم بالتفكير عنه ورعاية مصالحة تلك الفئة من الناس نطلق عليهم الطيبين او حين نريد ان نكون قاسين في وصفهم فنسميهم الساذجين الذين لم يعرفوا الحياة بعد والذين يظنون خطأ ان كل الناس يستحقون ان نمارس معهم آدمتنا، وهناك الفئة المقابلة لتلك الفئة وهم من يجيدون مد ايديهم واخذ مالا يستحقونه يجيدون التسويق لاحتياجاتهم يجيدون استدرار الآخرين يملكون ان يجعلوا الدنيا تبكي لأن خدشاً أصاب إصبعهم ولديهم القدرة على تضخيم احتياجاتهم وجعلها ذات أهمية مستعجلة وهؤلاء يمكننا أن نسميهم الأذكياء الذين عرفوا الدنيا وقد نسميهم من يلبون احتياجاتهم على آدمية الآخرين، وهناك من كان من الفئة الأولى ثم علمتهم الدنيا كيف ينتقلون إلى الفئة الثانية
أن مقالنا اليوم عن الفئة الأولى فهم من يرتبط بهم مفهوم الاستنزاف سواء كان استنزاف المشاعر أو المال أو المصالح، لكن استنزاف المشاعر أصعبها وآثاره أكثر إيلاماً وقد يتسبب في دمار اصحابه فهناك من يستنزف مشاعرك بدعوى الصداقة وهناك من يستنزف مشاعرك بدعوى القرابة وهناك من يستنزف مشاعرك بدعوى الحب وهؤلاء يجيدون استغلال آدمتك‘ أصحاب تلك الفئة دائماً ما يصرخون في داخلهم قائلين أرجوكم لا مستنزفونا ولكن لا يستطيعون أن يظهر ذلك امامهم أما جبناً او خجلاً او خوفاً من ان خسارتهم قد تكون نهاية العالم ظناً منهم أن هؤلئك المستنزفون هم من يضيئون الجانب المظلم في حياتنا وأنهم يمدونا بالطاقة الإيجابية وأنهم يستحقون كل ذلك العناء وحقيقة هم لا يستحقون، فهم الذين يأخذون ويتباهون وينكرون الفضل وعلى ثقه تامه أنهم أصحاب فضل علينا، أما الفئة الأولى فهم من يقدمون بلا منه ولا أذى ويعيشون على الأمل أن يقدرون ذلك العطاء والمشاعر ويرسمون الأمل بقول لعل وعسى، ولكن حقيقة الامر أنهم قد وقع فريسة سهلة للوفاء وللإحسان والتسويف في الأمل ليتغير الحاصل، ولكن دون جدوى حتى يصاب صاحبها بحالة من فقدان الطاقة تجاه القيام بأي عمل نتيجة للضغط العصبي الذي يتعرض له مما يعوقه عن مواصلة العطاء وآدا المهام التي كان يقوم بها سابقًا، أن من الطبيعي وجود المشاعر وهي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات ومن أجل صحة تلك العلاقة وحتى تبقى مستمرة يجب أن يتحقق مبدأ التوازن والعدل وأن تلك العلاقات لابد أن تكون أخذ وعطاء ولتحقيق ذلك لا بد أن تأتي فتره في حياتهم يستخدمون فيها مصطلح وضع الطيران ذلك المصطلح الذي تستخدمه الهواتف الذكية بقطع الإشارة عن أجهزتها وجميع الترددات اللاسلكية عنها سواء ارسال أو استقبال حتى تستطيع إعادة التوازن إلى حياتك وقدرتك على السيطرة على مشاعرك الداخلية حتى لا تستنزف ولا تهدر حياتك مع أشخاص لا يرون فيك سوى المارد الذي يحقق أهدافهم ومصالحهم جاعلين من اهتمامهم وكلماتهم المعسولة ومشاعرهم الزائفة العملة التي يدفعون بها ثمن ما تقدمه لهم من عطاء وصدق مشاعر، ومن أجل إيقاف ذلك عليك أن تستخدم مصطلح وضع الطيران في حياتك حتى يتثنى عليك عادة ترتيب حياتك فاليوم لا يوجد وقت للأحزان والهموم والتفكير ولا لحمل مشاعر الألم والعتب واستنزاف النفس بها في قادم الأيام بل اجعل من إيمانك القوي بالله عز وجل ونفسك القوية ومشاعرك المتزنة صوره آمنه لحياتك ولا تسمح للآخرين بامتصاص طاقتك ومشاعرك فلا تعطيهم أي فرصة وضع دائماً بينهم مسافة الأمان ونقطة فاصلة تمنعه من الوصول إلى مبتغاهم، فأنت من تتحكم وتعتدل في مشاعرك وتعطي الحب لمن يستحقه وأجعل من تعاملك معهم رسالة لك من باعك مشاعر رخيصة مبتذله أن لك بصمة باقية وأخلاق عالية هي التي ستنتصر وتجعل من استنزافك بالأمس يندم على فراقك في الغد.
بندر عبد الرزاق مال
مستشار وباحث قانوني
عضوية المجمع الملكي البريطاني للمحكمين
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com