دفعني شغفي بخدمات الحجاج للقيام بجولة ميدانية على مناطق سكنهم بمكة المكرمة ، ومقرات مراكز الخدمة التابعة لشركات الطوافة ، وواصلت جولتي صوب المشاعر المقدسة بعد أيام من حضوري للتجربة الافتراضية الثانية لمنظومة النقل والتفويج، التي دشنها وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة بمشاركة عدد من الجهات المعنية.
وكان هدفي من جولة المشاعر المقدسة الاطلاع على المشاريع المنفذة وتلك الجاري تنفيذها ، وما إذا كانت شركة كِدانة للتنمية والتطوير المسؤولة عن تنمية وتطوير منطقة المشاعر المقدسة وحماها ، أوفت بما وعدت به من تطوير وتحسين لمرافق الخدمات ، خاصة فيما يتعلق بشبكات المياه والصرف الصحي ، والتي تمثل مشكلة سنوية متكررة بالمشاعر المقدسة
ورغم أن جولتي للمشاعر المقدسة كانت قصيرة إلا أنني وقفت على عدد من الصور الإيجابية التي تؤكد أن هناك رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، سواء كانوا من منسوبي القطاع العام أو الخاص ، فخدمات الحجاج بالنسبة لهم تمثل أمانة كبرى يتشرفون بحملها .
وكان من أبرز الصور الإيجابية دخول الخيام المطورة لحجاج افريقيا غير العربية لأول مرة هذا العام بصورة مختلفة عما تم تنفيذه لحجاج الدول الأخرى المواسم الماضية ، حيث تم عمل تسوية أرضية وصبها بالخرسانة مما يعني إلغاء الأرضية الترابية داخل الخيمة ، وخلال تفقد صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحجّ المركزية ، الأسبوع الماضي لعدد من المشاريع التطويرية بالمشاعر المقدسة، للتأكد من جاهزية المرافق لاستقبال ضيوف الرحمن خلال حجّ 1444هـ ، وقف سموه على مخيم شركة حجاج افريقيا غير العربية واطلع على ما تمتاز به المخيمات الحديثة من مواصفات عالمية ، وقدرتها على عازل الضوء والحرارة ومقاومة للحريق والاهتراء، والوقاية من الأشعة فوق البنفسجية ، وارتباط كل خيمة بنظام تبريد خاص ، وتوفر بها وسائل الأمن والسلامة للتمديدات الكهربائية والخدمات المساندة، إضافة إلى توفير الخدمات الصحية، ونوعية الوجبات الغذائية وطريقة تقديمها للحجّاج ، ودخول المواصفات التقنية لمخيمات حجّاج أفريقيا غير العربية لحجّ 1444هـ فتحتوي على 21 كاميرا ذكية و500 كاميرا مراقبة وتقنيات (التعرف على الوجه، مراقبة الحشود الذكية، التنبيه المبكر للتكدس) وتقنيات الاتصال (5G، الدوائر المتكاملة) وأكثر من 80 شاشة مراقبة لـ200 بوابة و400 ممر.
ومن الصور الإيجابية التي تسر الأفئدة ، مشروع “المخيم الذكي” لمخيمات حجاج افريقيا غير العربية بعرفات ومنى ، والذي يهدف لاستثمار التقنيات الحديثة في معالجة التحديات المستقبلية في مجال إدارة الحشود وربط المخيمات بأنظمة مراقبة ذكية تنعكس منها مؤشرات لحظية لدعم اتخاذ القرار وسهولة أداء المناسك لضيوف الرحمن.
أما المشاريع الحديثة لهذا العام وإن كان يصعب حصرها فإن أبرزها يكمن في قيام المكتب الاستشاري للذكاء الاصطناعي والمجموعة البحثية للواقع الافتراضي والميتافيرس بجامعة الملك عبدالعزيز ، بتنفيذ مشروع مراقبة أوزان عبوات وجبات التغذية المقدمة للحجاج ، بالتعاون مع شركة ” طواف البيت ” إحدى الشركات التابعة لمجموعة مطوفي حجاج دول جنوب اسيا، ويقوم المشروع بربط الذكاء الاصطناعي بانترنت الأشياء بالتعرف على وزن الوجبة المقدمة للحاج، وهل تتوافق مع المواصفات والمعاير التي حددها العقد المبرم بين شركات التغذية وشركات تقديم الخدمة ، ويقدم هذا المشروع حلا متكاملا للحد من وجود وجبات ذات اوزان ناقصة ومخالفة لما تم الاتفاق عليه ، واستخدام نظام الذكاء الاصطناعي في مراقبة نظافة المخيمات ومساكن الحجاج ، من خلال اتفاقية وقعها المكتب الاستشاري للذكاء الاصطناعي والمجموعة البحثية للواقع الافتراضي والميتافيرس بجامعة الملك عبدالعزيز مع شركة ” مشارق ” إحدى الشركات التابعة لمجموعة مطوفي حجاج دول جنوب شرق اسيا ، إذ يمكن للنظام التعرف على اي تدني في مستوى النظافة او تسربات في المياه ، ويتولى النظام الابلاغ مباشرة عن أي ملاحظة إلى إدارة المخيم للتدخل السريع ومعالجة الملاحظة المسجلة ، واستخدام الذكاء الاصطناعي في حصر أعداد الحجاج المتواجدين داخل المخيمات في المشاعر المقدسة بكل دقة ، مما يساعد شركات الخدمة ومتخذي القرار في الشركات بتقديم خدماتهم بشكل يتناسب والاعداد الموجودة في المخيمات .
وبروز مثل هذه المشاريع وغيرها ، يفتح المجال لطرح العديد من الأسئلة عما قامت شركة كدانة لمواكبة التطلعات المستقبلية خاصة فيما يتعلق بتزايد أعداد الحجاج ، وما تم وضعه من حلول مستقبلية فيما يتعلق بمساحة منى الشرعية ، ونسبة المساحة المستغلة منها بمخيمات الحجاج والمرافق .
ورغم أن أدوار كدانة تتضمن : ” رفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين من أداء فريضة الحج على أكمل وجه ” .
و” العمل مع الجهات ذات العلاقة على توحيد نطاق الأعمال في المشاعر وتطبيق أعلى معايير الجودة لسلامة الحجاج وتحسين الخدمات المقدمة ” ، إلا أننا لم نر خطوات عملية تتوافق مع هذه الأدوار ، فأعداد الحجاج تأخذ في التزايد ، ومساحة منى لازالت كماهي .
وما نحتاجه اليوم مواكبة كدانة لتطلعات الدولة ، وتأمين خدمات جيدة لنحو خمسة ملايين حاج عام 2030 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com