تستحوذ دراسة التفاؤل والتشاؤم على اهتمام بالغ من قبل الباحثين في الصحة النفسية، وتشير منظمة الصحة النفسية إلى أن التفاؤل هو عملية نفسية إرادية تولد أفكارا ومشاعر للرضا والتحمل والثقة بالنفس، وهو عكس التشاؤم الذي يميز الجوانب السلبية للأحداث فقط مما يستنزف طاقة المرء ويشعره بالضعف والنقص في النشاط.
ويعتبر التفاؤل والتشاؤم سمة كباقي سمات الشخصية يتمايز الأفراد في امتلاكها ويعتمد على الفروق الفردية، فالأفراد يختلفون في طريقة رؤيتهم للحياة، حيث يغضوا الطرف عن الجزء الفارغ من الكأس بينما يركز المتشائمون على النصف الفارغ من الكأس ويتجاهلون النصف الممتليء.
يتأرجح معظمنا بين كفتي التفاؤل والتشاؤم في رحلة الحياة ، ويعاني الفرد معاناة شديدة لجعل كفة التفاؤل هي الكفة الراجحة، لأنه بفطرته يميل الى التفاؤل وصحبة المتفائلين ، فتجده يبحث وينقب عن الأخبار السارة والأشخاص الايجابيين المائلين للسعادة ، المفعمين بحب الحياة وينفر من أولئك البائسين الذين إذا لم يجدوا ما يدعوهم للتشاؤم ، تذكروا ما في ماضيهم من أحزان فاجتروا الذكريات واقتاتوا عليها .وقد وضع هؤلاء المتشائمون مظاهر ومؤشرات للتشاؤم كانقلاب الحذاء او كنس المنزل ليلا أو المقص المفتوح في البيت أو صوت الغراب او الرقم 13 أو البوم ونحو ذلك مما يعتبرونه نذير شؤم ونحس وقدوم مصائب .
وبالمقابل فإن المتفائلين وضعوا مؤشرات للتفاؤل كتربية السلحفاة بالبيت أو حك اليد اليسرى أو انقلاب علبة الكبريت على جانبها أو انكسار الصحن بحجة أنه أخذ الشر معه أو وسخ الطير على أحد المارة كرمز للرزق .
ويعود السبب في ذلك للصدفة المحضة واقتران حدوث الحدث أو تكراره بفكرة التشاؤم والتفاؤل.
لقد اهتم المختصون بدراسة نظريات التفاؤل والتشاؤم وحاولوا تفسيرها. ومن هؤلاء هيبوقراط الذي قسم الناس لأنماط تبعا لكيمياء الدم إلى أربعة أنواع هي :الصفراوي، وهو حاد الطبع ومتقلب المزاج واللمفاوي وهو بارد في طباعه وجاف في تعامله والدموي وهو مرح متفائل ومحب للحياة والسوداوي وهو يميل للحزن والنظرة السوداوية للحياة.
أما في علم النفس الحديث، فالنظرة إلى التفاؤل والتشاؤم تكاد تكون واضحه ومحددة وتتلخص في النقاط التالية:
1 – يرتبط التشاؤم سلبيا بتحقير الذات وليس له القدرة على حل المشكلات، بينما يرتبط التفاؤل إيجابيا باحترام الذات والقدرة على حل المشكلات.
2 – هناك ارتباط موجب بين التفاؤل وكل من السعادة وتقدير الذات والتغلب على المواقف الضاغطة .
3 – كشفت الدراسات أن الأشخاص الأكثر تشاؤما لديهم مستوى عال من ضغط الدم الانقباضي مقارنة بغيرهم الأقل تشاؤما.
4 – يميل الشخص الواثق من نفسه والقوي والناجح إلى التفاؤل الذي
يعتبره منبعا لقوته.
5- يميل الشخص الضعيف ، المحبط، الذي يفتقد الثقة بالنفس إلى التشاؤم ويترقب الفشل من كل خطواته وينتظر قدوم الشر إليه ويتوقع الخيانة والنية السيئة.
6- التفاؤل والتشاؤم سمة ثناثية القطب من سمات الشخصية تتمحور في رؤية خاصة للمستقبل.
7 – الحالة المزاجية لها تأثير مباشر على التفاؤل أو التشاؤم ، مما يجعل الفرد إما أن يشعر بالرضا عن الحياة والسعادة أو متشائما لا يشعر بالرضا ولا يقتنع بشيء ، دائم الانتقاد، كثير اللوم محروم السعادة.
8 – يرتبط التفاؤل بالصحة النفسية والجسمية والقناعة والأداء الجيد وجودة الإنتاج.
9 – التفاؤل مفيد للصحة العامة بعكس التشاؤم الذي يضعف جهاز المناعة ويقلل نسبة الشفاء .
10 – يمكن تعلم التفاؤل فنحن لسنا متفائلين بالفطرة ولا متشائمين بالفطرة.