
الحج فرضه الله مرة واحدة في العمر لمن استطاع اليه سبيلاً قال تعالى ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ” اما العمرة فقربة إلى الله متى ما تيسرت نوى بها المسلم قال صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما) لذلك حرصت الحكومة الرشيدة على الاعتناء بمساجد المواقيت التي يحرم منها الحجاج والمعتمرين وكذلك مساجد المشاعر المقدسة ومساجد الحل ، عمارة وصيانة لتستوعب ضيوف الرحمن من شتى بقاع الأرض .
اما الدور الآخر الذي يقع على مقدمي الخدمة للحجاج والمعتمرين فقد تطور أيضا ومر بمراحل مختلفة في الإجراءات والتنظيم الى أن وصل لما نراه اليوم عبر البوابات الالكترونية والتطبيقات الذكية .
وكما بدانا مع أول ضيوفنا نعود اليوم مع ضيف جديد لننقل لكم ذكريات وتجارب وقصص الحج والعمرة لنتعرف على ضيفنا :
الاسم الرباعي : سمير سالم حسين بندقجي .
تاريخ الميلاد : 1375هـ
الدرجة العلمية : بكالوريوس تربية إسلامية.
الوظيفة : رئيس مركز (112)
جهة العمل : شركة ـ رواف منى نزلي .
الحالة الإجتماعية : متزوج .
عدد الأولاد : 6 ( أبو رائد )
محل السكن : مكة المكرمة ـ الشرائع .
في أي عمر بدأت مشاركتك الفعلية في أعمال الحج؟
بدأت العمل والمشاركة في أعمال الحج والطوافة منذ سن الطفولة مع الوالد رحمة الله عليه .
وفي التسعينات الهجرية مارست الطوافة بشكل رسمي .
واليوم مع تطور خدمات الحجاج بنظام الشركات أصبح الأمر أكثر متعة وتشويقاً وتنافساً في تنوع الخدمات والإحترافية في تقديمها .
الطوافة مهنة وراثية ارتبطت بعدة أسر وعوائل توارثوها عن الآباء والأجداد، عمن ورثت هذه المهنة؟
ورثتها عن الوالد والوالد ورثها عن جدي ـ رحمة الله ـ عليهم جميعاً.
الحياة معترك يتأثر فيها الإنسان بمن حوله ويتخذ قدوات في حياته فمن كان قدوتك؟
في الحقيقة الوالد ـ رحمة الله ـ عليه هو قدوتي وكان دوماً يكرر هذا المثل ” احييني اليوم وامتني غداً ” ومثل آخر ” بات مغلوب ولا تبات غالب ”
علمني والدي أن ” إكرام الحاج أمر مقدس ” لدرجة أنه يمكن أن يضربني إذا أسئت معاملة الحجاج ” زرع فينا خدمة الحجاج وورثنا عنه هذه الأمانة .
وقد تدرجت في أعمال الحج حيث عملت مع والدي منذ صغري في خدمة الحجاج على النحو التالي :
المقدم : وهو شيخ العمال ، ويكون مسؤول عن العاملين مع المطوف في توفير كل ما يحتاجه الحاج من خدمات وإعانة .
ثم وكيل عن والدي حتى وفاته في العام 1401هـ
ثم عضو خدمات عامة .
ثم نائب رئيس لمدة 20 سنة .
ثم معاون تنفيذي في مؤسسة جنوب شرق آسيا وتتمثل هذه الوظيفة في متابعة عدد من مكاتب تقديم الخدمة .
والآن رئيس مكتب 112 التابع لشركة رواف منى نزلى والذي يخدم حوالي ( 2500) حاج من دول ( سنغافورة وبروناي ) .
يتطلب العمل في موسم الحج الكثير من الإجراءات في وقت مبكر كما يتطلب الكثير من الصبر والتفاني لتحقيق موسم حج ناجح لنتعرف على ذلك من خلال حوارنا مع ضيفنا ؟
عمل الحج متعة روحية فيها أجر عظيم ، يتحقق هذا العمل بالإمكانيات والاستعداد والتجهيز للمواقع وتوفير الأيدي العاملة كل حسب العمل الموكل له ـ الاستقبال ـ الجوازات ـ النقل ـ الاعاشة ـ السكن ـ يتم اختيار من يقوم بهذه الأعمال بعناية وثقة تحت قائد ومخطط لضمان نجاح العمل بالإضافة إلى من حولي من الأبناء .
كيف كان يتم الترتيب والتواصل بينكم وبين الحجاج من الدول المختلفة لأداء فريضة الحج؟
يتم التواصل مع الحجاج حسب توزيعهم وجنسياتهم .
والترتيب كان يتم بين الحجاج والمطوف عن طريق المراسلات ثم مكتب السؤال ثم بعثات الحج والأن عبر المنصات الرقمية .
تختلف لغات الحجاج ولهجاتهم فما هي طريقة الحوار بينكم وخاصة في حال حدوث إشكال وكيف يتم إرضاء الحجاج؟
ورثت عن والدي لغة الملايو وهذه هي لغة الحوار بيني وبين الحجاج واجيد اللغة بنسبة 50% ومن عرف لغة قوم أمن مكرهم وبذلك أجد الحلول لكثير من الإشكالات إذا حدثت .
كيف كنتم تستعدون في وقت مبكر لاستقبال الحجاج ؟
في الماضي كان مقدم الخدمة يعمل طوال العام وكان بعض الحجاج يستمر جلوسه لمدة ستة أشهر ممن يأتوا بالبواخر واذكر من أسماء البواخر التي كانت تصل لميناء الملك عبدالعزيز ” كولنجاتي ” يحملون معهم السحارات التي تحتوي على اكلهم وأغراضهم وهداياهم وهي عبارة عن صناديق خشبية كبيرة .
ثم أصبح العمل من شهر شوال .
والآن من بداية شهر ذي القعدة .
قد يصدف أن يمرض الحاج أو يتعرض لعارض صحي أثناء الحج فكيف تساعدونه في إكمال حجته؟
كان المطوف يتحمل أعباء الحجاج وكنا نضطر لحمل الحاج ومساعدته للذهاب إلى المستشفى أما الآن وبفضل الله تعالى والجهود الكبيرة التي توليها الحكومة الرشيدة ثم بفضل ما تقدمه وزارة الصحة توفر جميع الخدمات الطبية للحجاج دون مقابل وبشكل متكامل .
عشرة ذي الحجة أيام مباركات كيف تعيشونها مع الحجاج في خدمتهم؟
نعيش هذه الأيام برفقة الحجاج ومن اليوم الثامن إلى اليوم الحادي عشر تعتبر هذه أيام الذروة نقوم فيها بتسهيل وتوفير جميع الخدمات للحجاج لأداء حجهم على مدى 24 ساعة والزحام الذي يكون في الطرقات مع كثرة الحافلات والمشاة .
أيام التروية تبدأ من فجر اليوم السابع ما هي المشقة التي توجهونها ؟
تكمن المشقة في المتعة التي يجدها العاملون في تقديم الخدمات في الترحيل من مكة إلى منى ومن مكة إلى عرفات في وقت واحد بالتنسيق والتنظيم ولا يحلو ذلك إلا بنجاح يوم التروية .
كما يتعهد بعض المطوفين بتقديم الخدمات للحجاج الذين يصلون إلى عرفات من ذلك اليوم . ومنهم المطوف حمزة أشعري ـ رحمه الله.
وأذكر أيام الجائحة ( كورونا ) عندما اشتقت للحج طلبت من أخي تسجيلي كعامل لمرافقة حملة الحج وفعلاً تابعت الحج كعامل خدمات شوقاً وحباً.
يوم عرفة يوم عظيم حدثنا عما تقومون به في ذلك اليوم؟
يوم عظيم يكون فيه مقدم الخدمة وجميع العاملين في خدمة الحاج بتقديم جميع الخدمات للحجاج والوجبات التي تعينهم على تحمل الزحام والحرارة .
واذكر أن تم تأمين وجبة إضافية كانت تمنح للحجاج عند ركوب الباص فرضها أحد الوزراء وسميت وجبة الوزير وذلك تحسباً لتأخر وصول الباص أو أي ظرف طارئ فيكون مع الحجاج ما يساعدهم ويصبرهم .
صباح يوم عيد الأضحى المبارك يعقب يوم عرفة مباشرة وقد أنهك مقدمي الخدمة التعب فأين يكون موقعهم في ذلك اليوم؟
صباح يوم العيد يتوجه أكثر الحجاج لرمي الجمرات مباشرة من المزدلفة .
ولكن لا زلت أذكر أغلب المطوفين يصنع طعاماً يقدمه للحجاج .
بماذا يستقبل مقدم الخدمة الحجاج في يوم العيد؟
كما ذكرت سابقاً بتقديم الطعام حيث يكون الحجاج في حالة من التعب فيتم تجهيز أماكنهم بمجرد وصولهم وتهيئ لهم المشروبات الباردة .
كيف تودعون الحجاج عند مغادرتهم وما هي المشاعر المتبادلة؟
بدموع الفراق التي لا توصف حرارتها عندما يفارق المحب محبوبه .
اذكر لنا احدى الفوائد التي جنيتها خلال عملك في خدمة الحجاج؟
كثيرة هي الفوائد التي يستفيدها العامل في الحج ولعل من أهمها البركة التي تحصل لمن يكون في خدمة الحجاج .
اذكر لنا موقفاً ما زال راسخاً في ذهنك مع أحد الحجاج؟
كثيرة هي المواقف لدرجة البكاء وكثير من الحجاج من يتمنى الوفاة في مكة أذكر أحد الحجاج في سنة من السنين ومنذ وصوله وهو يدعو الله بأن يموت في مكة .
وبعد إتمام الحج وعند مغادرة ذلك الحاج لمكة المكرمة بعد صعوده للباص حضر سائق الباص يخبرنا أنه يوجد في الباص حاج مغمى عليه وعلى الفور توجهنا للباص فاذا بذلك الحاج وقد فاضت روحه إلى بارئها كتب الله له الوفاة في أقدس البقاع .
كلمة خاتمة :
أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويتقبل منا واجباتنا تجاه الحجيج وأن نوصل لأبنائنا شرف خدمة الحاج وهو ما تحقق ولله الحمد فنحن الآن نرى أبنائنا يتسابقون لنيل شرف هذه المهنة وهو ما نحمد الله عليه أن بلغنا هذه المرحلة ونرجو الله أن تتوارث وتمتد هذه المزية كونها مهنة الآباء والأجداد وهي خدمة عظيمة جليلة خدمة ضيوف الله وفرحة كبيرة لأهل مكة عندما يشاهدون الحاج في راحة وسعادة .
وشكراً لصحيفتكم على هذا اللقاء الذي أعاد لي الذكريات لأكثر من 40 سنة .