
الحلقة … (4) … توزيع الإفطار في الطرقات في رمضان
مع حلول شهر رمضان المبارك، تتجلى مظاهر الخير والعطاء في مختلف المجتمعات الإسلامية، ومن أبرز هذه المظاهر توزيع الإفطار في الطرقات، حيث يسارع المتطوعون إلى تقديم وجبات الإفطار للصائمين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم قبل أذان المغرب، مثل المسافرين، والعاملين، وسائقي المركبات.
معاني العطاء والتكافل :
يُعد هذا العمل الإنساني صورة من صور التكافل الاجتماعي، حيث يعبر عن روح التعاون والمودة بين أفراد المجتمع، ويجسد القيم الإسلامية التي تحث على إطعام الطعام وإكرام الصائمين. وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: “( من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء” (رواه الترمذي “
جهود فردية ومبادرات منظمة
تتنوع طرق توزيع الإفطار بين الجهود الفردية والمبادرات المنظمة، حيث يحرص بعض الأفراد على تجهيز وجبات بسيطة مثل الماء والتمر والعصائر وتوزيعها عند إشارات المرور أو على الأرصفة القريبة من أماكن العمل. وفي المقابل، تعمل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية على تنظيم حملات إفطار متكاملة تشمل وجبات غذائية متكاملة توزع في مختلف أنحاء المدن.
تحديات وضوابط :
على الرغم من النوايا الطيبة لهذه المبادرات، إلا أن هناك تحديات يجب الانتباه إليها، مثل تنظيم عملية التوزيع بطريقة لا تعيق حركة المرور، وضمان سلامة الأغذية المقدمة، والالتزام بالإجراءات الصحية اللازمة. ولهذا، تحرص بعض الجهات المختصة على وضع ضوابط تسهم في إنجاح هذه المبادرات دون التسبب في ازدحام أو فوضى.
أثر المبادرة في المجتمع :
لا تقتصر فوائد توزيع الإفطار على الصائمين فحسب، بل تمتد إلى المتطوعين أنفسهم، إذ تغرس فيهم روح البذل والعطاء وتعزز الشعور بالسعادة والرضا. كما أن هذه العادة تسهم في تعزيز قيم التعاون والتآخي بين أفراد المجتمع، مما يجعل رمضان شهر الرحمة والمودة بكل ما يحمله من معانٍ سامية.
وتجربتي في هذا الجانب المشاركة مع مجموعة من رواد الكشافة بمشروع يطلق عليه “سقيا” نخصصه فيه ليلي 27 و29 من شهر رمضان نوزع خلالها الإفطار على الصائم في الطريق الذي يربط جده بمكة المكرمة والذي يعد الازحم والأكثر استخداما حيث يمتد الانتظار فيه لساعات طويلة على متن المركبات مما دعت الحاجة لتقديم الإفطار لركاب المركبات على الطريق ، وخلال الليتين نسهم بما نستطيع من تفطير الصائمين الذين يدركهم وقت الإفطار على الطرقات ، وهي عادة ممتعة ومشوقة وتجربة تتكرر كل عام ، وفي كل مرة يشهد المشروع إضافة جديدة
ختامًا :
يبقى توزيع الإفطار في الطرقات خلال رمضان من أروع صور الخير والعطاء، فهو ليس مجرد وجبة تقدم لصائم، بل هو رسالة حب وتآزر تعكس جوهر هذا الشهر الفضيل، وتجعل من المجتمع نسيجًا مترابطًا قائمًا على الرحمة والمودة.