
الحلقة … (5) …. مدفع الإفطار ( تقليد إعلان الإفطار بمدفع رمضان في بعض الدول)
في كل زاوية من زوايا شهر رمضان، تتجلى روحانية خاصة، تحمل في طياتها ملامح التآلف والمودة بين الناس. هذا الشهر ليس مجرد أيام نصوم فيها، بل هو فترة زمنية تتجدد فيها العادات والتقاليد التي ترسخ قيم العطاء والتواصل. وفي كل يوم من أيامه، نأخذكم في هذه الزاوية لاستكشاف عادة اجتماعية أو عبادة تضيف إلى أجوائه لمسة من الدفء والروحانية، فتتحول إلى جزء لا يتجزأ من ذاكرة الأجيال المتعاقبة. في هذه السلسلة اليومية، سنسلط الضوء على واحدة من تلك العادات، نستعرض جذورها وأثرها في المجتمع، ونتأمل كيف تبقى حاضرة في قلوب الصائمين عامًا بعد عام.
يُعد مدفع الإفطار من التقاليد الرمضانية العريقة التي ارتبطت بإعلان وقت الإفطار في عدد من الدول الإسلامية، حيث يتم إطلاق قذيفة مدفعية عند غروب الشمس إيذانًا بانتهاء وقت الصيام وبدء الإفطار. وعلى الرغم من التطورات الحديثة في وسائل الإعلام والتوقيت، لا يزال هذا التقليد حاضرًا في بعض المدن، ليحمل معه أجواء روحانية وتراثًا تاريخيًا متجذرًا.
أصل تقليد مدفع الإفطار :
يرجع تاريخ استخدام المدفع في رمضان إلى أكثر من 200 عام، وتختلف الروايات حول نشأته. من أبرز الروايات أن هذا التقليد بدأ في مصر خلال فترة حكم محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، عندما قام الجنود عن طريق الصدفة بإطلاق قذيفة مدفعية وقت المغرب، فظن الناس أنها إشارة للإفطار، وانتشر الأمر حتى أصبح عادة رمضانية. وهناك روايات أخرى تشير إلى أن الفكرة ظهرت في الدولة العثمانية قبل ذلك بسنوات.
لا يزال مدفع الإفطار حاضرًا في بعض الدول، خاصة في المدن ذات الطابع التاريخي والتراثي،
ففي مكة المكرمة مسقط راسي وحيث أعيش .. كانت تطلق المدافع عند الإفطار وفي وقت السحور ، وعند حلول عيد الفطر المبارك ، وعايشتها على المستوى الشخص منذ الطفولة ، ومدافع الإفطار في مكة المكرمة تطلق من مرتفع عالي من اعلى قمة جبل قريب من الحرم المكي الشريف يعرف بجبل المدافع ، لكنها تتوقفت في العام 2018م وبات الجميع يعتمد على وسائل التواصل في معرفة المواقيت أوقات العبادات ، لكنها عادة لا تنسى ولازالت عالقة في الاذهان وفي بعض الدول العربية مازالت المدافع مستمرة
أهمية مدفع الإفطار في الذاكرة الشعبية :
يحمل مدفع الإفطار قيمة رمزية كبيرة، إذ يربط بين الأجيال المختلفة ويعزز من الأجواء الرمضانية التي تجمع العائلات حول موائد الإفطار. كما أنه يعد وسيلة تقليدية لتنبيه الصائمين بموعد الإفطار، خاصة في العصور الماضية قبل انتشار وسائل الإعلام الحديثة.
ورغم التطورات التقنية التي جعلت الناس يعتمدون على الساعات والتنبيهات الإلكترونية، يبقى صوت المدفع في رمضان جزءًا من الذاكرة الجماعية والتراث الثقافي الذي تحرص بعض الدول على الحفاظ عليه، لما له من طابع احتفالي وروحاني يضفي على الشهر الكريم نكهة خاصة.