
الحلقة …(7) … المسحراتي في رمضان: صوت التراث الذي لا يغيب في بعض الدول والمدن
يعتبر المسحراتي أحد التقاليد الرمضانية العريقة التي لا تزال مستمرة في بعض الأماكن، في الدول العربية والاسلامية رغم التطورات التكنولوجية ووسائل التنبيه الحديثة. وظل هذا التقليد جزءًا من التراث الشعبي في العديد من الدول العربية والإسلامية، حيث يتجول المسحراتي في الأحياء قبل الفجر، مناديًا بأسماء الأهالي أو مرددًا عبارات تحثهم على السحور والاستعداد لصيام يوم جديد.
استمرار العادة في بعض المناطق :
على الرغم من أن المنبهات والتطبيقات الذكية أصبحت بديلاً عمليًا، إلا أن عادة المسحراتي ما زالت حاضرة في بعض القرى والأحياء القديمة، لا سيما في مصر، وسوريا، وفلسطين، واليمن، والمغرب. ففي بعض المدن العريقة، يحظى المسحراتي بمكانة خاصة، ويتوارث الأبناء هذه المهنة عن الآباء والأجداد.
دور المسحراتي في المجتمع :
يؤدي المسحراتي دورًا اجتماعيًا مميزًا، فهو ليس مجرد شخص يوقظ الناس، بل هو رمز للترابط والتواصل الاجتماعي خلال شهر رمضان. كما أن وجوده يعزز الأجواء الروحانية ويضفي لمسة من البهجة، خاصة للأطفال الذين ينتظرونه بشغف كل ليلة.
تحديات تواجه المسحراتي :
رغم استمرار هذه العادة في بعض المناطق، إلا أنها بدأت تتلاشى في المدن الكبرى نتيجة التطور التكنولوجي، وقلة الاعتماد على الوسائل التقليدية للاستيقاظ. كما أن بعض القوانين الحديثة تحد من الجولات الليلية خوفًا من الإزعاج، مما أدى إلى تراجع انتشار هذه المهنة في أماكن عدة.
وعلى المستوى الشخصي، لم أَشهَد هذه العادة، لكن هناك ارتباطًا وثيقًا في ذاكرتي بحالة اللبّان، الذي كان يجوب الأحياء والأزقة الضيقة في حواري مكة، يبيع اللبن الرائب المُعدّ في المنزل، بصوتٍ لا يزال صداه يتردد في مسامعي. ما زلت أذكره حين كان ينادي قبل وقت السحور بوقتٍ وجيز: “لبن… لبن!”، فارتبط ذلك الصوت بالزمان، تمامًا كما ارتبطت أصوات مدافع السحور، في عادةٍ تعود إلى أكثر من نصف قرن.
ورغم أنني لم أعش تجربة المسحراتي شخصيًا، إلا أنني تابعته كثيرًا في الأفلام العربية، التي تحرص دائمًا على إعادة تصوير دوره وإحياء ذكراه، فتجسد لنا صورةً حية لهذا التقليد الرمضاني العريق.
ختاما :
يبقى المسحراتي جزءًا أصيلًا من التراث الرمضاني، يذكرنا بأيام الزمن الجميل ويعكس القيم الاجتماعية والتقاليد التي توارثتها الأجيال. ومع استمرار هذه العادة في بعض الأماكن، تظل رمزًا للتواصل والمحبة في ليالي الشهر الفضيل.
تابعونا.. غدا حلقة جديدة ..نسلط الضوء خلالها على رمضانيات: عادات وعبادات تبقى وتُحيا

المسحراتي صوره مولدة بالذكاء الاصنطاعي

المسحراتي في الشام تقليد مازال قائما

بائع اللبن الرائب كان مكان المسحراتي في بعض احياء مكة
التعليقات 1
1 pings
أ.د.عبدالوهاب الإدريسي
07/03/2025 في 3:35 م[3] رابط التعليق
المسحراتي رغم التطور واتساع المجتمع والمساكن نجده في المدن المغربية يتجول في الحارات(الحومة) بصوته الشجي ممسكا بعلبة صغيرة عليها جلد وعود صغير ينقرز عليه (الطبل) ينبه للسحور وكذلك إعلان العيد، ونجد أهل الحي يعطونه العيدية مما جادت به أنفسهم في آخر ليلة من رمضان.
عبدالوهاب محمد الإدريسي