
الحلقة … (21)… التهجد في العشرة الاواخر من رمضان
تُعد صلاة التهجد من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله، خاصةً في شهر رمضان المبارك، حيث تزداد النفحات الإيمانية، ويحرص المسلمون على اغتنام أوقاته المباركة. فالتهجد هو قيام الليل بعد النوم، وهو من السنن العظيمة التي واظب عليها النبي ﷺ، وحثّ أصحابه عليها، لما فيها من الخشوع والتضرع والخلوة مع الله في أجواء السحر.
فضل صلاة التهجد في رمضان :
تُعد صلاة التهجد من أكثر الأعمال التي تُستجاب فيها الدعوات، ففيها تتنزل الرحمات، وتكتب الأجور، وتغفر الذنوب، كما قال النبي ﷺ:
“ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له” (متفق عليه)
وفي رمضان، يحرص المسلمون على أدائها أكثر من غيره من الشهور، لما في لياليه من البركة، خاصة في العشر الأواخر، حيث كان النبي ﷺ يُحيي الليل كله، ويوقظ أهله، ويشد مئزره، ويجتهد في العبادة أكثر من أي وقت آخر، طلبًا لليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
كيفية أداء صلاة التهجد :
- وقت الصلاة: تبدأ صلاة التهجد بعد صلاة العشاء وتمتد إلى قبيل أذان الفجر، وأفضل وقت لها هو الثلث الأخير من الليل، حيث يكون الدعاء أقرب للإجابة.
- عدد الركعات: ليس لصلاة التهجد عدد معين من الركعات، ولكن كان النبي ﷺ يصليها غالبًا إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، يسلم بعد كل ركعتين، ويختمها بالوتر.
- صفة الصلاة: يقرأ فيها المصلي ما تيسر من القرآن، ويطيل في الركوع والسجود، ويكثر من الدعاء والاستغفار، خاصة في السجود، حيث يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه.
أدعية مستحبة في التهجد :
يستحب أن يكثر المصلي من الأدعية التي وردت عن النبي ﷺ، ومنها:
- اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
- ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
- اللهم اجعل لي في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن أمامي نورًا، ومن خلفي نورًا، واجعل لي نورًا.
أثر صلاة التهجد على المسلم :
- الطمأنينة والسكينة: يشعر المصلي بالقرب من الله، مما يمنحه راحة نفسية وطمأنينة قلبية.
- زيادة الإيمان والتقوى: تعزز صلاة التهجد صلة العبد بربه، وتقوي روح الإخلاص والعبودية.
- تحقيق الأمنيات والاستجابة للدعوات: هي من أسباب قضاء الحوائج وتحقيق الأمنيات، خاصة إذا كانت بإخلاص وخشوع.
- مغفرة الذنوب ورفع الدرجات: فهي من أسباب غفران الذنوب ورفع الدرجات في الجنة.
التجربة الشخصية وتأثيرها :
على المستوى الشخصي، تُعد صلاة التهجد من السنن المحببة إلى نفسي، فقد تعودتُ عليها منذ الصغر عندما كنت أرافق والدي – عليه رحمة الله – في أدائها. كما أن هذه العبادة المباركة تُقام في معظم مساجد مكة المكرمة خلال العشر الأواخر من رمضان، حيث تكتظ بالمصلين الذين يسعون لنيل بركاتها والتمتع بالأجواء الروحانية الفريدة في هذا الشهر العظيم.
ختامًا :
إن صلاة التهجد فرصة عظيمة للتقرب إلى الله، خاصةً في رمضان، حيث يُضاعف الأجر، وتعلو الروحانية، وتكون الفرصة سانحة لاغتنام الخيرات. فليحرص المسلم على أدائها، وليجعلها عادة في حياته، لينال رضوان الله في الدنيا والآخرة