
لم يخطر ببال “آثار” يوماً أنها ستغادر مكان عملها الذي كانت تعتبره بيتها الثاني. كانت شغوفة بما تقوم به لدرجة أنها أغمضت عينيها عن صحتها وبيتها، متجاهلة كل النصائح التي كانت تسمعها من الأخوات والمقربين:
“آثار، لنفسك عليكِ حق!”
لكنها كانت تضحّي دون تردد، تبذل جهدها في دعم زملائها ومساعدة الآخرين بكل حب وإخلاص.
حتى في أصعب الفترات، خلال فترة أزمة كبيرة مرت بها البلاد، لم تتراجع آثار. بل كان لها دور كبير في الحفاظ على استمرارية العمل والتواصل مع الجميع.
قامت بتطوير منصات جديدة، نظمت الفعاليات، ودرّبت الجميع، سواء كانوا عملاء أو زملاء. نجحت الأمور بفضل جهدها المستمر، وكان الفضل يعود بعد الله إلى آثار.
ولكن، السؤال الصادم:
هل كوفئت آثار على كل ما قدّمته؟!
للأسف، لم تُكرَّم، ولم تُقدَّر، وتجاهل الجميع جهودها.
ومع ذلك، لم تتوقف. لم تطالب بترقية، ولا بزيادة راتبها الزهيد، رغم مناشدات من حولها بأن تدافع عن حقوقها.
لكن الحياة لا تترك أحداً على حاله…
في يومٍ لم تتوقعه، سقطت والدتها أمام عينيها، وأُصيبت بجروح خطيرة في قدميها ووجهها، إضافة إلى معاناتها الطويلة مع السرطان.
الصدمة كانت كبيرة، وصورة السقوط لم تفارق ذاكرة آثار.
في تلك اللحظة، عرفت أن وقتها وجهدها يجب أن يكونا مع والدتها. وبعد أكثر من 11 سنة من العطاء، قررت أن تضع حدًا لهذا الفصل وتختار أن تهتم بعائلتها.
وماذا حدث بعد ذلك؟
لا شيء!
لم تتلقى أي رد على رسالتها، ولم يتم إنهاء عقدها.
تركتها الظروف تتألم بين معاناة والدتها، ومعاناة المطالبة بحقوقها.
ومر الوقت…
تحسّنت ظروف آثار قليلاً، فعادت لتطالب بحقوقها، لكنها فوجئت بأن حقها قد سقط بالتقادم، وأن الشكوى لم تعد تُجدي نفعاً!
ولم تُمنح حتى شهادة خبرة!
بدا وكأن كل ما قدمته قد تم نسيانه…
نكران معروف، ظلم، وتنكر لكل التضحيات.
وهنا، التفتت ابنتها “أثير” إليها، وقالت بكلمات ستظل محفورة في قلب آثار:
“أمي، لقد فعلتِ كل ما بوسعك، ونحن نحتاجك بصحتك… عهدناكِ قوية، وبإذن الله، سيكون لصبرك وتحملك شأناً عظيمًا، ولن ينجو ظالم متنكّر للجميل أبدًا.”