
تطل علينا بعد أيام عشر ذي الحجة ، وهي أيام مباركة لا يساويها في الفضل والأجر حتى الجهاد في سبيل الله إلا ما جاء في الحديث الصحيح.( إلا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلمْ يرجعْ مِنْ ذلكَ بشيءٍ)
و مِن رَحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعِبادِه أنْ مَنَّ عليهِم بهذه الأيامٍ المُبارَكةٍ، يُضاعِفُ فيها الأجرَ، ويُعطي فيها جَزيلَ الثَّوابِ؛ رَحمةً منه وكرَمًا، .
وهى أفضلَ واعظم أيامِ الدنيا على الإطلاق , أيامُ عَشْرِ من ذي الحجة احب الأيام عند الله , هي أيام مباركات ، ينتظرُ المسلمون قُدُومَها, ويَحْرِصُ المؤمِنُ الصادِقُ على إدراكِها واستِغْلالِها. وما ذاكَ إلا لِما أوْدَعَ اللهُ تعالى فيها مِن المِيزاتِ والفضائِلِ ما ليسَ لِغَيرِها من الأيام.
- قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
والذي يظهر أن السَّبَبَ في امتيَازِ عَشرِ ذِي الحِجة ؛ لمَكَانِ اجتمَاعِ أمَّهَاتِ العبادة فيه ، وهي : الصلاة والصيام ، والصدقة ، والحج ، ولا يَتَأَتَّى ذلك في غيره! . [ فتح الباري : ( ٢ / ٤٦٠ ) ]
- أولاً :ما ورد في فضل العشر من ذي الحجة في القران الكريم :-
الدليل الأول:-
ان الله اقسم بها في كتابه والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : ” وهو الصحيح ” تفسير ابن كثير8/413 .
الدليل الثاني:-
وقال تعالى ( وشاهد ومشهود ) قال أبو هريرة و على بن ابى طالب رضي الله عنهما معنى :شاهد وهو يوم الجمعة، ومشهود قالوا: وهو يوم عرفة.
الدليل الثالث:-
قال تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) الحج / 28 . ), قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: ” الأيامُ المعلوماتُ, أيامُ هي عشر ذي الحجة .
الدليل الرابع:
أنها الليالي العشرُ التي تَمَّمَ الله بها ميقاتَهُ لِنَبِيِّهِ وكَلِيمِه موسى عليه السلام, قال تعالى: ( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ), فالثلاثون ليلة: هي ذو القِعدة. والعشرُ: هي عشر ذي الحجة.
الدليل الخامس:-
أن الله تعالى أكملَ الدين في يوم عرفة, ونزل في ذلك اليومِ العظيمِ قولُه تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ). قال أهلُ العلم: “نزلت هذه الآيةُ يومَ عرفة، فَلَمْ ينزل بعدها حلالٌ ولا حرام”. وثبت في الصحيحين أن رجلاً من اليهود, قال لِعمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ، لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ) فَقَالَ عُمَرُ: “إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِعَرَفَاتٍ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ”.
الدليل السادس:-
ان الله يباهي الملائكة بأهل عرفة .
ثبتَ في مُسنّدِ الامام أحمدَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه, أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إن اللهَ عز وجل يُباهِي ملائكتَه عَشِيَّةَ عرفةَ بأهلِ عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعْثاً غُبْراً ).
وفضل يوم عرفة لأهل الموقف ولغيرهم في الأمصار من المسلمين وأهل الموقف فازوا بالسبق
الدليل السابع:-
مما تَمَيَّزَت به عَشْرُ ذي الحجة: أن اللهَ خّصَها بِرُكْنٍ مِن أركانِ الإسلام الخمسة, ألا وهو الحج. قال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ} [آل عمران:
وهو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام, وهو واجب على الفور على كل مسلم حُرٍّ بالغ عاقل مستطيع. فمن لم يحج من المسلمين البالغين القادرين فقد عصى النبي صلى الله عليه وسلم .
الدليل الثامن:-
في عشر من ذي الحجة يوم الحج الأكبر يوم عيد الأضحى من افضل ايام السنه
عن عبدالله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ” وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
الدليل التاسع:-
ان هذه العشر من أيام الأشهر الحرم من شهر ذي الحجة الذي هو أفضل الأشهر الحرم
جاء عن سعيد بن جبير رحمه الله قال (ما من من الشهور اعظم من ذى الحجة )
ثانياً :-ما ورد في فضل العشر من ذي الحجة في السنة النبوية
ومما تميزت به عشر من ذي الحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في العمل الصالح في هذه الأيام وبين انه محبوبٌ إلى الله سبحانه وتعالى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم : ” مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ .
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ” رواه البخاري ( 969 ) والترمذي ( 757 ) واللفظ له وصححه الألباني في صحيح الترمذي 605
وفي مُسنَدِ أحمدَ وغيرِه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قال: «ما مِن أيَّامٍ أعظمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَملِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ؛ فأَكْثِروا فيهِنَّ مِن التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحْمِيد»
قال الأوزاعي رحمه الله :
بلغني أنَّ العمل في اليومِ من { أيَّام العشر من ذي الحجَّة }
كقدر غزوة في سبيلِ اللّٰه، يُصام نهارهَا ويحرس ليلُها ، إلا أن يُختصَّ امرؤٌ بشهادةٍ.
[ رواه البيهقى في شُعب الإيمَان ٣٤٧٧]