
في قلب مكة المكرمة، حيث تتلاقى الروحانية مع عبق التاريخ، يبرز شبابها اليوم امتدادًا حيًّا لتقاليد الكرم والضيافة التي اشتهر بها أجدادهم. فمنذ القدم، كان أهل مكة يتسابقون في خدمة ضيوف الرحمن، مقدمين لهم الطعام والماء بطيب نفس وكرم لا يُضاهى. واليوم، يستمر هذا العطاء من خلال مبادرات شبابية تطوعية تنبض بالحيوية والإخلاص.
من أبرز هذه المبادرات، برنامج “شباب مكة في خدمتك”، الذي يُعد من أنجح البرامج التطوعية خلال موسم الحج، حيث يشارك فيه مئات المتطوعين والمتطوعات، لتقديم خدمات متنوعة تشمل: مساعدة كبار السن، وتوجيه الحجاج، وتوزيع الوجبات والمياه، وذلك بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات العلاقة.
ومن بين هؤلاء الشباب، يبرز وليد خياط الذي يوزع المياه المبردة على الحجاج يوميًا، مؤكدًا أن “خدمة ضيوف الله شرف كبير لا يُضاهى”. كما يشارك طلاب المدارس في مكة ضمن فرق الكشافة، حيث يسهمون في تنظيم الحشود وإرشاد الحجاج، في تجسيد حي لروح التطوع والانتماء.
ورغم التحديثات التنظيمية التي شملت إنشاء مؤسسات وجمعيات خيرية لتقديم الخدمات للحجاج، إلا أن روح الكرم المكي لا تزال حاضرة بقوة. فالشباب المكي لا يكتفون بالمشاركة في البرامج الرسمية، بل يبادرون أيضًا بأعمال تطوعية فردية، مثل توزيع الوجبات والمياه، تأكيدًا على أن خدمة الحجاج شرف تتوارثه الأجيال.
وهكذا، تُجسد مكة المكرمة نموذجًا فريدًا في الجمع بين أصالة الماضي وتطور الحاضر، حيث يواصل شبابها السير على خطى أجدادهم في خدمة ضيوف الرحمن، بروحٍ من الكرم والمحبة والتفاني.