
في غرب إفريقيا، لا يُعد لقب “الحاج” مجرد صفة تُقال بعد اسم من أدى الفريضة، بل هو “تاج شرف” تتوارثه الأجيال، ويفتخر به الآباء، ويحافظ عليه الأبناء. هو رمز رضا وهيبة ومكانة في المجتمع، لا يُنال إلا بصدق النية وطول الصبر.
ومن أرض نيجيريا، جاء “مالم مقاجي” يحمل دعوات أربعين سنة من الانتظار، ليقف أخيرًا في صعيد عرفات، متضرعًا إلى الله، رافعًا كفيه أن يكتب الحج لإخوانه وأفراد أسرته في الأعوام القادمة.
يقول ملامح وجهه أكثر مما تنطق به كلماته: “لم يسبق لأحد من عائلتي أن أدى الحج… أنا أولهم، والحمد لله”. بهذا الحديث المقتضب، تختصر قصة طويلة من الشوق، والدعاء، والرجاء، تحققت أخيرًا في موسم حج هذا العام.
رحلة “مالم مقاجي” ليست مجرد أداء شعائر، بل قصة إيمان وعزيمة وصبر امتدت لأربعة عقود، حتى كتب الله له الوقوف في أطهر بقاع الأرض. لقد حمَل على عاتقه أمل أسرته وقريته، ومثّلهم جميعًا أمام البيت العتيق.
مشهد وصوله للمشاعر المقدسة، وتوجهه لخالق بالدعاء في أعظم،اقدس بقاع الارض ، هو مشهد لن يُمحى من الذاكرة. ، وهو امتنانًا لعطاء الله الذي يأتي في الوقت الذي يشاء، وبالطريقة التي تُدهشنا دومًا.
نسأل الله أن يتقبل حج “مالم مقاجي”، وأن يرزق كل مشتاق نعمة زيارة بيته الحرام، وأن تبقى قصص الحجاج البسطاء تذكرة لنا بأن الوصول لا يحتاج إلا قلبًا مؤمنًا، ونية صادقة، وانتظارًا لا ييأس من رحمة الله.