
في قلب مكة المكرمة، حيث تلتقي الأرواح على صعيد الطهر والرحمة، هناك فريق لا يكتفي بالمشاهدة، بل يصنع الفارق. إنه فريق كشافة شباب مكة التابع لجمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة، ذلك الكيان المتوثب بالعطاء، الذي لا يهدأ له جَنان، ولا يفتر له سعي، في سبيل أداء رسالة مقدسة: خدمة ضيوف الرحمن، والارتقاء بصورة مكة الحضارية والإنسانية.
قلب نابض في مواسم الطُهر
مع كل موسم حج أو نفحات رمضان، يتحول أعضاء الفريق إلى خلايا نحل بشرية، ينتشرون بين الساحات والمخيمات، يسابقون الزمن، ويلبون النداء:
- يُرشدون التائه، ويدعمون المُسن، ويسقون العطشان.
- يُنظّمون الحشود بابتسامة، ويُعالجون المواقف الطارئة بحكمة وكفاءة.
- يعملون بصمت، لكن أثرهم يعلو فوق الضجيج.
- برامج لا تنام.. وعطاء لا يُقاس بالوقت.
لم يكتفِ الفريق بالمشاركة الموسمية، بل امتدت برامجه إلى مدار العام. فهم يُعِدّون القادة لا المُقلّدين، ويغرسون القيم لا الشعارات، عبر أنشطة:
- تدريبية وكشفية لبناء شخصية الشباب.
- بيئية وصحية تخدم المجتمع.
- وطنية وثقافية تزرع الانتماء والهوية.
إنهم ليسوا فقط شبابًا يرتدون الزي الكشفي، بل رُسُل قيم يحملون روح مكة المكرمة في وجوههم، وأصالة تربتها في سلوكهم.
زيارات مهيبة واعتراف رسمي
ولأن التميّز يُرى قبل أن يُقال، حظي الفريق باهتمام القادة والرموز الوطنية. فقد شرفهم صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود بزيارة مباركة، حين كان رئيسًا عامًا لرعاية الشباب، حيث عبّر عن إعجابه العميق بهذا الجهد الشبابي المنظَّم، الذي يعكس وعيًا وطنيًا ناضجًا وروحًا كشفية أصيلة.
كما كانت هناك زيارة مميزة حين كان المعلّق الرياضي المعروف الأستاذ علي داؤود يرأس نادي الوحدة، حيث تم استقبال عدد من القيادات والمسؤولين، ما عكس ثقة المجتمع في هذا الكيان الحيوي، وثبّت مكانته ضمن خارطة العمل الكشفي الوطني.
ليست قصة تطوّع… بل قصة انتماء وهوية. إنّ ما يقوم به فريق كشافة شباب مكة المكرمة لا يُقاس بالساعات، بل بالأثر.
هم ليسوا فقط في خدمة الحجيج، بل في خدمة الوطن، والإنسان، والصورة الحضارية التي تستحقها مكة المكرمة.
لقد استطاع هذا الفريق أن يُعيد تعريف التطوّع، لا كخدمة وقتية، بل كحالة من الانتماء الحي، والحب العملي، والعطاء المؤسسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحثة في علم النفس، كاتبة، وقائدة مجتمعية ، مديرة إدارة الأعمال بالسودان لبرامج جامعة آيلز البريطانية العالمية.