
أكتب إليكم هذه الكلمات من أحبّ بلاد الله إلى الله ورسوله، من مكة المكرمة، حيث أنعم الله عليّ بأداء مناسك الحج لهذا الموسم، فله الحمد والمنة، ونشكره على جزيل عطائه وعظيم فضله. وأسأل الله أن ييسر لكل من لم يحج فرصة أداء هذا الركن العظيم، وزيارة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
مشاعر روحانية وأحاسيس إيمانية عميقة ترافقك في كل خطوة، منذ أن شرفنا الله بزيارة مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، مرورًا بمسجد قباء، وشهداء أحد، وغيرها من المزارات الكريمة، ثم انتقالنا إلى مكة المكرمة عبر القطار السريع، حيث بدأت رحلة النسك: طواف القدوم، السعي بين الصفا والمروة، المبيت بمنى، الوقوف بعرفة، المبيت بمزدلفة، رمي الجمرات، ذبح الهدي، طواف الإفاضة، وختامًا بطواف الوداع.
وإذ نهنئ أنفسنا وسائر حجاج بيت الله على إتمام المناسك، فإننا نتوجه بخالص التهنئة والتقدير إلى المملكة العربية السعودية، قيادةً وحكومةً وشعبًا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله–، لما قدموه من رعاية كريمة وخدمات متكاملة لضيوف الرحمن، ولما تم إنجازه من مشروعات توسعة وتطوير للمسجد الحرام والمشاعر المقدسة، وبنية تحتية متقدمة من طرق، ونقل، وأمن، وصحة، وخدمات لوجستية.
وقد أدهشتني شخصيًا القدرة التنظيمية الفائقة لإدارة أمن الحرمين الشريفين، في إدارة حشود ضخمة تجاوزت 1.6 مليون حاج، خاصة في الأماكن التي تشهد كثافة عالية. كما أُعجبت باستخدام الطائرات المسيرة وتقنيات المراقبة الدقيقة، وسرعة الاستجابة لأي طارئ، بوجود فرق الدعم والإسعاف والخدمة في مختلف مواقع المشاعر.
ومن الجوانب التي لفتت انتباهي وأثلجت صدري، التقدم التقني الملحوظ في توظيف الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الهواتف الذكية، لتيسير تجربة الحج. فقد أُتيحت للحجاج تطبيقات متعددة بلغات مختلفة، تتضمن معلومات لحظية حول أوقات الصلاة، حالة الطقس، الإرشادات الصحية، ومواقع الخدمات، مما ساعد في تخفيف الأعباء وسهّل أداء النسك في أجواء من الطمأنينة والسكينة.
شكرًا للمملكة العربية السعودية وشعبها الكريم.
شكرًا لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.
شكرًا للحكومة السعودية، ولوزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية.
شكرًا لكل المتطوعين والمخلصين الذين أسهموا في نجاح هذا الموسم العظيم.
وكل عام وأنتم بخير.