منذُ ثلاثة عقود تقريباً عاصرت حرب الخليج التي تم على أثرها تحرير دولة الكويت بكل أحداثها وأهوالها وشحناتها النفسية وتأثيرها علينا كمواطنين سعوديين، حيث شهدنا بأن بلادنا بين عشية وضحاها طرفا في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، سوى أن زعيما يعاني من جنون العظمة ومتهورا أرادها أن تكون حربا عبثية ضد جيرانه، كانت الأحداث متسارعة وانذار الحرب تتصاعد والإشاعات تنتشر هنا وهناك، والجميع يترقب هل ستكون هناك حرباً ام استعراض للقوة وفرد عضلات؟
وبدأت تلك الحرب بأطلاق الصواريخ الباليستية على المدن السعودية وكانت أكثرها على العاصمة الرياض، وما هي الا أيام حتى صار ما لم يتوقعه العدو، أصبحت هذه الصواريخ مجرد مشاهد ترفيهية وألعاب نارية لسكان الرياض، ما إن تنطلق صافرات الإنذار معلنة قدوم صاروخ من البلد المعادي حتى يخرج الناس إلى الشوارع وفوق أسطح المنازل لمشاهدة الصاروخ القادم وكيف يتم اعتراضه وإسقاطه بصواريخ المضادة الأرضية، مع العلم بتحذير المواطنين بعدم الخروج قد تحمل هذه الصواريخ رؤوسا كيماوية، إلا أن الناس تترقب سقوط الصاروخ، بعد ذلك تبدأ رحلة البحث عن الشظايا والوقوف عليها وتصويرها، وهو الأمر الذي أدهش مصوري القنوات الأجنبية الناقلة للحدث في ذلك الوقت,
واليوم وبعد مرور ثمانية وعشرين سنة واكثر الماضي يعيد نفسه والسعودية الأن تدخل حرب اضطرت لخوضها ضد جماعة ارهابية باعت وطنها، ويبقى الشعب السعودي كما هو ثابت لا يأبه للحاقدين والمتربصين، وإلى وقت كتابة هذا المقال أطلق على السعودية 119من الصواريخ الباليستية والمواطن السعودي يعود إلى ممارسة طقوسه القديمة بالخروج مع كل صاروخ يلوح في الاجواء ليبدأ رحلة البحث عن شظايا الصواريخ عبر الشوارع والميادين، وبث الحدث بالصوت والصورة إلى الارجاء المعمورة وسط ضحك الشباب، لتتحول ليلة تبعثر الصواريخ وسقوط الشظايا إلى ليلة من الاحتفال العفوي المشوب بالسخرية من أولئك الذين يعتقدون أنه بإمكانهم ترويعنا، و أيضا تكون كرسالة إلى العالم بأن هؤلاء هم أبناء أولئك الرجال الذين كانوا يسخرون من شظايا صواريخ حرب الخليج، وأخيراً… لا احد يتمنى الحروب ولكنك تضطر احياناً لخوضها لإنقاذِ جارك.
بقلم : عبدالله الزبده
@alzebdah1