ما أصعب أن ترى القوة ضعف، الموت يعاود إطلالته علينا ليذكرنا بلا انقطاع أنه الحقيقة الوحيدة والمستمرة في هذه الحياة، وأن رحيل من الدنيا دائما ما يكون له الواقع الأليم والشديد على من يسبقنا إلى المثوى الأخير. هكذا تماما كان شعوري وشعور زملائي ممن تلقوا خبر وفاة الأستاذ والمربي الفاضل احمد بن إبراهيم بن عثمان الحويل مدير برنامج التوحد بمعهد التربية الفكرية السابق، رحل رجل من خيرة الرجال الذين عملوا في مجال التربية الخاصة بالأحساء، وأوفاهم وأنبلهم بعد حياة عاشها بمبادئ وقيم وأهداف كريمة لم يتزعزع عنها مع مر السنين، بقي كما هو يحظى بمحبة زملائه وباحترامهم وتقديرهم.
أحمد الحويل عاش عصامياً، تخرج من معهد المعلمين بالأحساء، وهو أحد مؤسسي النشاط الثقافي والفني بنادي الجيل الرياضي بالصالحية، وكانت بداياته في سلك التعليم بالأحساء معلماً بمدرسة أبو عبيدة الابتدائية، ثم التحق بدورة تأسيس للمعلمين الملتحقين بتعليم طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بعدها عمل معلماً لتربية الفنية في معهد الأمل لمدة 14سنة، ولكفاءته وحبه للعمل مع فئة ذوي الإعاقة اختير وكيلاً لمعهد التربية الفكرية، وبعدها مديراً للمعهد وبعد دمج طلاب التربية الفكرية في مدارس التعليم العام، أصبح أول مدير لبرنامج التوحد ومتعدد العوق، ثم فصل برنامج التوحد عن متعدد العوق، وكان الأستاذ احمد رحمه الله من مؤسسين البرنامج التربوي التأهيلي لطلاب التربية الفكرية وأصبح مدير برنامج التوحد والبرنامج التربوي التأهيلي حتى تقاعده، وكان له مشاركات في عدة لجان،( عضو اللجنة الفنية لاختيار المعلمين الملتحقين لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، عضو اللجنة الفنية لاختيار الطلاب الملتحقين ببرنامج التوحد بالتعاون مع مركز السمع والكلام.
كل من عرف الراحل سيفتقده ويشتاق إليه ويحزن لألم الوادع، كان رحمة الله يصف الطلاب من ذوي الإعاقة بأبنائي وعندما يشد على أحد المعلمين يقول لن أسمح بالتقصير مع أبنائي، وكما أننا تعودنا أنا وزملائي في كل عام أن نجتمع في منزل أبو إبراهيم رحمة الله في ثاني أيام عيد الفطر وعيد الأضحى، وحين نكون في مجلسه يقوم هو بضيافتنا بنفسه رغما كبر سنة رافضاً أن يقوم احداً من أبناءه أو من زملائه المدرسين كوننا في عمر أبناءه، من شديد تواضعه وجميل خلقه، واليوم نودع أبو إبراهيم بحزن أليم ولكن بصبر واحتساب ودعاء له بالمغفرة والرحمة، ولكننا في نفس الوقت نعي أيضا أن المخلصين لا يمكن تعويضهم وأن خير عزاء يقدم لهم هو المحافظة على ذكراهم بتكرار الخير عن حياتهم بيننا وذكرهم بالطيب، والراحل كانت سيرته عطرة وجميلة فيها العشرات من المواقف المليئة بالعبر والدروس.
واختم حديثي بتغريدة زميلي فوزي الجمعان: “اللهم إننا نُشهدك أن عبدك أحمد الحويل عاش سليم الصدر، عفيف اللسان، كريم النفس، نقي القلب، عاش بهدوء ورحل عن هذه الدنيا بهدوء”. رحم الله أحمد الحويل رحمة واسعة وأسكنه الله فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بقلم: عبدالله الزبده
ak.alzebdah@gmail.com