لَمْ تَخْسَرْ الكَشَّافَةَ فِي الوَطَنِ العَرَبِيُّ الكَبِير مِنْ المُحِيطِ إِلَى الخَلِيجِ وَمُنْذُ فَتْرَةٍ لَيْسَتْ بِقَصِيرَةِ رَجُل بِمَكَانَةِ أَمِيرِ الرُّوَّادِ وَالرَّجُل المُحَنَّكِ أَمِينٌ عَامُّ الاِتِّحَادِ العَرَبِيِّ لِرُوَّادِ الكَشَّافَةِ والمرشدات وَاحِدٌ مُؤَسِّسِيهِ ، وواضع نواة نظامه من بدايته ، والأب الروحي للكشفية العربية الأمير يوسف بن مصطفى دندن – عليه رحمة الله – ولم أرى وأشاهد وأتابع منذ عقود من الزمن رجل في أي مجال من المجالات يفجع لرحيلة القاصي والداني كما فجع الكشافة العرب وروادهم ومرشداتهم وقادتهم وكافة منسوبيهم دون استثناء على أمير الرواد الراحل “دندن” ، وتملك كافة المنتمين للكشافة العربية بمختلف أطيافهم الحزن العميق ، وراح كل واحدة منهم ينعى فقيدهم بكل عبارات الحزن والاسى على فقده ، حتى بات الحليم حيرانا ، وكان حزنهم واساهم ليس بالنعي بالعبارات فحسب ، بل تسارعت خطواتهم نحو مسقط راسه ، العاصمة اللبنانية بيروت حيت وريا الثرى ، وتسابق كل من جمعهم حب الفقيد وزمالته خلال تاريخه العريض والكبير في الحركة الكشفية في الوطن العربي ، حيث مراسم تشيع جنازته التي حضرها كبار رجال الدولة في بلاده وعلمائها، وجمع غفير من مرتدي المنديل الكشفي قادة وكشافة ومسئولين ، في منظر مهيب يعكس مكانة هذا الرجل فقيد الكشافة العربية
وَتَأَكَّدَ رَحِيلٌ مِنْ كَانَ هَمَّهُ جُمَعٌ العَرَبُ كَشَأْفَةٍ وَرُوَّادٌ ومرشدات وَرَائِدَاتٌ عَلَى حُبِّ الحَرَكَةِ وَبَحْثُهُ عَنْ رَقِّيهَا وَتُقَدِّمُهَا، سَخِّرْ جَلِّ حَيَاتَهُ وَمِشْوَارَ عُمْرِهِ لِخِدْمَةِ الكَشَّافَةِ وَمَنْ يَنْتَمُونَ إِلَيْهَا قَالَ تَعَالَى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)الأنبياء 35
وأنا عرفت وأعرف الرجل كما يعرفه جل العرب ولا يجهله أي عربي في اقصى الأرض وأدناها، عرفته من قرب وتشرفت باللقاء به عندما تشرفنا في مفوضية كشافة مكة المكرمة باستضافة اجتماع اللجنة التنفيذية بالاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات الرابع والعشرون في العام 2017 في رحاب مكة المكرمة بجوار الكعبة المشرفة، وعند وصوله لمقر الاجتماع في مركزية مكة المكرمة كنت مع أعضاء المفوضية في استقباله، حيث اخذني بالأحضان وقال -عليه رحمه الله – ” شكرا لك ولشباب مكة المكرمة .. قمتم بعمل عجز عنه الأخرين أكثر من أربعون عاما ” فكانت كلماته وقودا أنساني وانسى أعضاء المفوضية تبعات الترتيب والتنظيم والاستعداد والسهر والتعب .. ومازلت اشعر بين أضلعي بحرارة ذلك الحضن الدافئ وكانت رسالته من قلب مسن مخضرم إلى قلب أنسان يبحث عن إنجاز.. وتواجد معنا طوال أيام الاجتماع بجسده وروحه ووجدانه ولسانه لم يهدا من الدعوات وعبارات الثناء والتشجيع.. هكذا كان أمير الرواد “يوسف دندن” طوال حياته مع كل الكشافة في الوطن العربي
لذا فليسمحوا لي قادتي وإخوتي وأخواتي زملاء المنديل والوعد والقانون بأن ابعث اليهم رسالة محب وأقول لهم جميعا ، استعدوا فالإرث تقيل وثقيل جدا ، أن ما تركه فقيدكم الغالي وبعد تاريخه في خدمة الكشافة العربية لأكثر من نصف قرن من الزمان ، لا يمكن أن يتحمله رجلا واحد منكم ، وأن كلفتم من ترون بالمسمى ، فهو بالتأكيد سيحتاج العون والمساعدة ، وطريقته في إدارة المهمة تحتاج لتطبيقها عشرات الرجال ، وان ما تركه ” دندن” ليس تاريخ فحسب بل نظام وممارسة وتنفيذ وتحمل وسعى في الإصلاح وتقريب وجهات النظر ، واحترام الآراء والوقوف على بعد مسافة واحدة من الجميع ، وإدارة بالحكمة والفراسة واللباقة والتنظيم ، كان في بيروت جسدا ، لكن قلبه مفتوح لكل الكشافة العرب ، فاجعلوا ياخوة العرب اتفاقكم على تسيير أمور رواد الكشافة والمرشدات بنهج الفقيد ، ويقدم كلا منكم تضحياته ليكون غدا من من يحزن على فقدهم كما حزتم على “دندن” الحبيب ، واستعدوا يارواد كشافة العرب “فالإرث” الذي تركه هذا الرجل ثقيل وفيكم البركة .
@pv03025