لاشك أن التعليم عن بعد كان فرضا ولم يكن خياراً، وكما يقول الله عز وجل:
( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم)
و كما يُقال في المثل:
“رب ضاره نافعة”
انتهى الفصل الدراسي الأول بكل مافيه من اجتهاد وعناء تحمله الجميع بدون استثناء، وقد حصلت المشاركه بين المدارس وبين البيوت، ولاشك أن أي عمل له إيجابيات كمان له سلبيات، و من أجمل ما قيل في مجال البعد عن الانتقاد قول احد رواد تطوير الذات :
” إذا اردت ان لا تُنتقد فلا تعمل شيئا ولا تقل شيئا ولا تكن شيئا”
العمل و مخالطه الناس والتجارب لها فوائد كثيره لبني البشر، ولعلي أقف معكم في هذا العجالة عن التعليم عن بعد ما له وما عليه، سمعنا في الأونة الأخيره كثيرا من الأحاديث عن ارتفاع معدل درجات الطلاب و أن السبب الرئيس هو حصولهم على المعلومات من طرق سهله وميسرة، و عنوان مقالي كما يظهر في الأعلى التعليم عن بعد الدرجات ومكاسب أخرى، ونبدا بموضوع الدرجات لاشك أن إعطاء كل ذي حق حقه هو مطلب شرعي وأدبي حتى يستمر العدل في هذه الحياة، موضوع الدرجات في نظري ليس هو المحور الذي يجب أن نتوقف عنده في هذه المرحلة لعده أسباب :
اولا/ الدرجات لاتُقدم ولا تُؤخر كثيرا في مستقبل الطالب , لأن هناك متطلبات وشروط للمراحل القادمة سواءً أكانت إكمال دراسة أو الحصول على وظيفة معينة ، مما يعني أن هذه الدرجات المرتفعة اذا لم يصاحبها بعد، توفيق الله عناية
ومتابعة فلن تفيد شيئاً، لأنها وباختصار ستنظرها عملية (فلترة) محترمة.
وربما تكون وقوداً يحمس الطلاب للاجتهاد ومواصل التفوق، طبعا مع التوجيه المستمر و التعاون بين الأسرة والمدرسة…
ثانيا/كانت الإختبارات في أغلب المواد أن يحصل الطالب على درجه 20% في الاختبارات النهائيه سواء أكانت المواد علمية او أدبية بينما كانت 80% المتبقيه لموضوع البحوث والواجبات والحضور والغياب والمناقشة…
وهناك مواد تعتمد كليا على التقويم المستمر طوال الفصل الدراسي من خلال الاختبارات القصيرة والتكليفات والبحوث.
إذاً وبنظره بسيطة نجد أن المكاسب هنا كثيرة :
البحث، والاهتمام، والشعور، بالمسؤولية، خصوصا أولياء الأمور الذين وقفوا مع أبنائهم على مسافة جيدة من التوجيه واشعارهم بالمسؤولية.
لم يتخلوا عنهم ويهملوهم ، ولم يجعلوا الأبناء عالة متكلين عليهم تماما بحجة الخوف عليهم من الخفاق والفشل ..
وهذا لايلغي ضرورة التعديل والتطوير في نظام التعليم عن بعد بجعل المساحة الأكبر للبحث والمناقشه والمحاورة ، وقد يقول قائلٌ :
ما قيمه هذه البحوث وهي تعتمد على النسخ واللصق في غالب الأحيان ؟
أقول :
بالإمكان وضع درجة علي بسيطه على إحضار البحث، والجزء الأكبر من الدرجة على مناقشة البحث أو الواجب ومعرفة تفاصيله.
ويُعلن ذلك أثناء التكليف حتى يعرف ويطلع عليه قبل التسليم.
ثالثا /من المكاسب أيضا عملية البحث عن المعلومة ومن ثم نسخها و لصقها وهذه بحد ذاتها مكسب ، لأنه وكما نعلم أنه يُسمح في كتابة الرسائل والمقالات العلمية بنسبة اقتباس تحددها جهة الدراسة ، مع اشتراط الأمانه العلمية في التوثيق.
أيضا..
هناك نظام معتمد في جامعات مرموقة في الاختبارات يُعرف
(Open book examination.)
امتحانات الكتاب المفتوح ، والتي تعتمد على تحقيق مهارة البحث عن المعلومة ، والارتقاء في مستويات التعلم إلى ماهو أبعد من مستوى التذكر إلى مستويات أعلى كالربط والتحليل وغيرها…
أبناؤنا من الجنسين على مختلف أعمارهم ليسوا عاجزين عن استعمال التقنية، لكنهم غير موجهين التوجيه الصحيح في أغلب الأحوال، حيث تمر الساعات الطوال في استخدام يدمر الوقت والقدرات الذهنية لهم ، فكان التعليم عن بعد جزءً من حل هذه المشكلة، وبناء علاقة جديدة بين الشباب وبين التقنية.
ختاما…
ربما يستمر التعليم عن بعد الفصل الدراسي الثاني وأبعد وهذا إحتمال وارد بنسبه كبيره مع تضارب الآراء حول مستجدات فيروس كورونا ولقاحاته.
والمهم الآن أن نبني على ما أسسنا وتعبنا فيه جميعاً من خلال فصل دراسي بجهود من الكل وزارة و مدارس وأعضاء هيئه تدريس وكذلك الطالب و أولياء الامور الجميع تعب والجميع شارك في استمرار العمليه.
فجميل أن نستفيد من هذه التجارب ولاتمر مرور الكرام ، وأنا على يقين أن ملف التعليم عن بعد لوفُتح بهدوء وتم طرح إيجابياته بحياديه بعيدا عن التشنج، وكذلك السلبيات وطريقه الحلول سنخرج بمنتج جميل جدا يفيدنا كثيراً حتى بعد انتهاء كورونا في تحسين جودة التعليم التي هي هدف ومطلب للجميع…
أسأل الله التوفيق والسداد للجميع..
د. خلف أحمد الزهراني
مدرب ومستشار تربوي
عضو مرصد الخبراء الخليجيين