كانت وسائل نقل الحجاج معتمدة على الجمال ولها هيئة تنظم أعمالها مكونة من المخرجين والمقومين ، ولكل منهم دوره إذ كان المخرجون يقدمون الحمولة للحاج ولهم بيوت من الحجاج يقومون بتوفير عفشها وراحلتها ويقتصر دورهم على العمل في مكة فقط بينما يقع على عاتق المقومين مسؤولية توفير الركائب التي تقل الحجاج داخل الأراضي المقدسة وخارجها ، ويسافر المقومون مع الحجاج الى جدة و المدينة المنورة ، وقد استمر العمل بهذا التنظيم حتى تم إيقافه عام 1365هجرية.
ولم تشهد عملية نقل الحجاج بالسيارات إلا بعد دخول الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ الحجاز ، فرغم أن أول سيارة وصلت إلى مكة المكرمة عام 1340 هــ / 1921 م ، إلا أنه لم يسمح لها بنقل الحجاج إلى داخلها ، إذ كانت السيارات الناقلة للحجاج من جدة إلى مكة المكرمة تقف في منطقة تعرف باسم ( أم الجود ) بنقطة عرفت لاحقا باسم مركز استقبال الحجاج ، أمام مقر رابطة العالم الإسلامي ـ حاليا ـ ، ولاتزال معالم المركز موجودة حتى الآن ، حيث يتم إنزال الحجاج من السيارات واركابهم على الجمال للدخول إلى مكة المكرمة ، والسبب كما يقال يعود إلى أن " دخول السيارة كان مرعباً للجمال ، إذ كانت الإبل التي تحمل شقادف الحجاج تنفر بشدة من صوت السيارات وحركتها، وكأنها تقدم احتجاجها، الأمر الذي شكّل خطراً على حياة الحجاج وغالبهم في ذلك العام ممن يركبون الإبل، فاضطرت الحكومة إلى إصدار أمر يمنع السيارات من السير في شوارع مكة المكرمة تقديراً لهذه الحالة بسبب عدم اعتياد الإبل على السيارات في تلك المرحلة " .
واسست أول شركة لنقل الحجاج ما بين جدة ومكة المكرمة عام 1344 هـ ، وكان عدد حافلاتها لا يتجاوز خمسة وعشرين حافلة ، وفي عام 1345 هـ صدور أول تنظيم لسيارات نقل الحجاج والذي تضمن ( 31 ) مادة وصدر الأمر السامي بالمصادقة عليه في 18 جمادى الآخرة سنة 1346هـ .
وشكل هذا التنظيم بداية لظهور شركات نقل الحجاج فأسست الشركة السعودية الوطنية لسير السيارات بالحجاز عام 1346 هــ ، برأسمال قدره خمسون ألف جنيها ، كما تأسست في جدة ورشة لإصلاح السيارات عرفت بـ " مدرسة تعمير السيارات " ، لتوفير قطع الغيار وإصلاح السيارات ، ومعنى تعمير باللهجة الحجازية " إصلاح " ، وأوضحت بعض المصادر التي تناولت نقل الحجاج أن عدد السيارات بلغ في شهر جمادى الآخرة عام 1346هـ ( 267 ) سيارة ، وارتفع في موسم الحج ووصل إلى 541 سيارة وكان هذا الرقم قياسيا خلال تلك الفترة .
غير أن استخدام السيارات واجه عدة مصاعب كان من ابرزها عدم توفر الكوادر القادرة على العمل بهذا المجال / مما اضطر لاستقدام سائقين وميكانيكيين من السودان وعدن والهند ، ومنحهم أجور عالية بهدف إغرائهم للقدوم والعمل .
وإن كانت النقابة العامة للسيارات قد بدأت أعمالها عام 1372 هــ بخمس شركات نقل، وتوسعت أعمال النقابة ليصل عدد الشركات المتعاقدة مع النقابة في عام 1421 إلى 11 شركة ، وفي عام 1440هـ وصل عدد الشركات والمؤسسات الناقلة تحت مظلة النقابة العامة للسيارات إلى 49 شركة ومؤسسة نقل ، فإن عددها الحالي بلغ نحو ستون شركة تعمل على نقل الحجاج بين مدن الحج ، جدة ـ المدينة المنورة ـ مكة المكرمة ، إضافة إلى رحلة المشاعر المقدسة .
كما يعمل قطار الحرمين السريع على نقل الحجاج بين جدة ــ مكة المكرمة ــ المدينة المنورة خلال 120 دقيقة فقط ، وبطاقة استيعابية تبلغ 60 مليون مسافر سنويًا، وسرعة تشغيلية تصل إلى 300 كلم/ساعة .
وفي الجانب الآخر نجد قطار المشاعر المقدسة الرابط بين مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ( منى ، ومزدلفه ، وعرفات ) .
وكما تطورت علميات نقل الحجاج بالمشاعر المقدسة ، وخرجت من أسلوب النقل التقليدي بنظام الردين ، إلى النقل الترددي ، أدخلت الخطوط الجوية العربية السعودية ، استخدام " التاكسي الطائر كوسيلة جديدة في مواسم الحج، حيث سيقوم التاكسي الطائر بنقل الركاب بين مطار الملك عبدالعزيز بجدة وفنادق مكة المكرمة " ، من خلال طائرة كهربائية تعرف بليليوم ، و " هي من أوائل المركبات الجوية عامودية الإقلاع والهبوط eVTOL وتعمل بالطاقة الكهربائية بالكامل، وبعد الانتهاء من الترتيبات اللازمة ستحلق هذه الطائرات بضيوف الرحمن خلال مواسم الحج والعمرة من مطار الملك عبدالعزيز بجدة إلى مهابط الطائرات في فنادق مكة المكرمة، وستقوم بنقل عدد أربعة إلى ستة ركاب".
وتتميز الطائرة كما أوضح مدير عام الاتصال المؤسسي بمجموعة السعودية والمتحدث الرسمي لها المهندس عبدالله الشهراني ، في حديث صحفي سابق ، " بمعدل انبعاثات كربونية منخفض وهي طائرة صديقة للبيئة ما يجعلها إحدى ممكنات استدامة السفر جواً، واختصار زمن الرحلات الجوية حيث تقطع مسافة قصوى بمعدل 250 كلم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com