كَان النَّبي ﷺ لينًا رَفيقًا هينًا سهلاً في تعاملهِ وفي أقوالهِ وأفعَاله مَع آخرِين، وكَان يُحبُ الرِفق، ويُرغب النَّاس ويحُثهم عَليه، وقد أوصَى الإسلام بِالرفق وحَثَ عليه؛ قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...." سورة آل عمران
وقَال ﷺ "إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ"
وقال ﷺ "ليسَ المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ"
ولقد ضَرب لنَا النَّبي ﷺ أروَع الأمثِلة فِي حُسن التَّعامل ومُراعاة المشاعِر، وسَطرت لنَا كُتب السُّنة والتَّاريخ أروَع النَّماذج فِي ذَلك، ومِن مَا مَضَى يَتَبيَّن لنَـا أهميةُ تَعامل البَشر فِيمَا بَينِهم، قَرابَات وصَدَاقات وفِي العملِ والملعبِ والمَكان العَام، وفي الفَصلِ بَين المُعلم وطُلابهِ خَاصة مُراعاةً للصِلة التَّعلُم التي تَربطهم، إذْ يُعتبر التَّعامل بِمراعاة المَشاعر أو مَا يُعرفُ بِعلم النَّفسي الاجتمَاعي الفَرعُ مِن عِلم النَّفس الذِي يُعنى بتأثير المُؤثرات الاجتمَاعية عَلى الطَريقة التِي يُفكرُ بِها النَّاس ويتأثرونَ ويشعُرون ويتصَرفون، ويتعَاملونَ بِها، فَمثلمَا تُؤثر نَظرة الأفراد لأنفُسِهم فِي سُلوكياتهم واختيَاراتِهم، فإن آراء الآخَرين تُؤثر أيضًا فِيهم وعَلى أنمَاط سُلوكياتِهم، فَقد كَان الإنسَان قَديمًا بِحاجة لِفهم الطَبيعة البَشريّة والتَّقلبات الإنسَانية، وتَلبيةً لتلكَ الحَاجة سَعى أهل الاختِصَاص لِوضع بَعض التَّصورَات اتجَاه مَعرفة السُلوك الإنسَاني واتجَاهَاته.
وإذَا كَانت المَناهجُ الدِراسية وطَرائق التَّدرِيس الحَديثة التِي وُضعت اليوم رَاعت هَذا الجَانب الذي قَامت عَليه بحُوث المُختصين، فِإن الأولى مُراعاة المُتعلمِين وخَصائِصهم ومُيولِهم وقُدراتِهم وفُروقاتِهم الفَردية والرَّفض والقَبول والاستعدَاد وغَيرِها، مِن مَنظور مَعرِفي وسُلوكِي ونَفسِي. والمُعلم اليَوم أحوج بالتَّعامل مَع طلابهِ بمنهَج وهَدي النَّبي ﷺ الرِّفق واللِين، وأنْ يَحرصَ عَلى ألا يُحدثُ خَدشًا فِي العَلاقة بَينهُ وبَين طُلابهِ، فالبيئات الجَاذبة حَول الطُلاب كَثيرةٌ إذا مَا تَوترت عَلاقته مع مُعلمه فَلن يَكون مَحل ثِقة عِندهُ.