لماذا نقرأ؟. هذا السؤال القديم الجديد الذي ما زال ثلة من الناس تسأله حتى في هذا العصر الذي أصبح فيه الذكاء الاصطناعي يكتب ويقرأ ويفكر وحتى انه أصبح يتخذ عن البعض قراراتهم ولكنه يفتقد إلى الشعور والأحاسيس البشرية التي خلقها الله حكراً على بني آدم.
ما تفعله القراءة في عقول البشر في جميع العصور والامصار لا يمكن حصره ولكن يمكن ادراكه عندما تتحدث مع من يقرؤون فهم اغنياء بأفكارهم واثرياء بمفرداتهم وأهل جود بألفاظهم ومسهبين في تعبيراتهم ومن خيرة المستشارين لا يمل حديثهم ويأنس بهم جلسائهم، رحم الله الشيخ علي الطنطاوي فقد كان من أعظم القراء في هذا القرن لذلك كان من أعظم المحدثين فيه.
ما زالت أسماء بعض الكتب تجذبني وتبهرني اغلفتها التي هي عبارة عن لوحات فنية بألوانها الزاهية، ولكن المهم هو المضمون فبعض الكتب ذات الحجم الصغير ولكن فائدتها عظيمة ذات اصل ثابت وفرعها في السماء وكم من الكتب ذات الحجم الكبير لا فائدة فيها قد اجتثت من فوق الأرض.
كثرة الموقعون المدشنون لكتبهم في معرض الكتاب بجدة هذا العام وهي ظاهرة صحية بلا شك فهي تدل على ارتفاع عدد الكتاب وبالتالي ارتفاع عدد القراء والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوعي ونسبة الفكر في المجتمع وذلك يؤثر ايجابا في ارتفاع جودة الحياة والتي هي من مستهدفات رؤية ٢٠٣٠.
أيها المدشنون الحاليون والقادمون إذا لم يكن كتابك الذي توقع عليه هو عبارة عن علم ينتفع به أو صدقة جارية أو ليس منه خوف او ضرر على الإسلام والمسلمين فأعلم انك توقع على كتاب سوف تأخذه بشمالك يوم القيامة.
اي كتاب يتم التوقيع عليه من قبل الكاتب هو بمثابة احد أبنائه الذين يعتني بهم ويسهر الليالي الطوال في ترتيب أبوابه وتنقيح مفرداته وتهذيب لغته وتنسيق سطوره واختيار الاسم المناسب له والباسه الغلاف الجميل الذي يسر الناظرين وعند صدوره والفسح له من قبل وزارة الثقافة والسماح ببيعه وتداوله يعتبر وكانه ولادة متعسرة تمت بعد سنوات من التعب والانتظار والصبر والأمل الذي لا يشعر به القارئ ولكنه يجني ثماره من العلم والمعرفة والثقافة والمتعة.
من الجميل جدا أن ترى في معرض الكتاب بعض صغار السن وهم يتصفحون بعض الكتب بعيونهم الصغيرة وعقولهم الكبيرة والتي حتما سيكون لها شأن في مستقبل الأيام فهم مستقبل الوطن وذخر للأمة.
أيها الاباء علموا أبنائكم القراءة وسهلوا لهم اقتناء الكتب المناسبة وزيارة المكتبات فلا يزال الكتاب خير جليس في كل زمان، فان بناء عقول الأبناء اهم من بناء البناء.
بقلم - عبدالرحمن عثمان كنبيجه
معرض الكتاب والمدشنون
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/articles/293972/
التعليقات 2
2 pings
ابو عزام
25/12/2024 في 12:14 ص[3] رابط التعليق
مقال اكثر من رائع شدني وصفك الدقيق على الكتب التى يتسابق على التوقيع عليها من قبل ناشرها والاهم هو توضيحك لمدى المسئولية الجسيمة الملغاة على عاتق الكاتب وفعلا يعتبر كتوجيه لأحد ابنائه اما خيرا او شرا وحتما سيسأل عنه يوم السؤال ….مبدع استاذ عبدالرحمن
ابو اصيل
02/01/2025 في 10:35 م[3] رابط التعليق
تسلم يابو عزام
لمثلك نحن نكتب لمن يقرأ السطور وما بين السطور
الكلمة خطيرة سواء كانت منطوقة أو مكتوبة والمكتوبة أخطر لأنها تبقى بعد كاتبها حتى وان غادر الحياة
يقول الشاعر
الخط يبقى زمنا بعد صاحبه وصاحب الخط تحت الثرى مدفون
فيجب على الكاتب ان يخشى ما تخطه يده لأنها شاهدة عليه يوم القيامة