في نهاية كل عام تنشر الشركات المساهمة قوائمها المالية متضمنة الإيرادات والمصروفات عبر ما يعرف بالميزانيتين التقديرية والفعلية ، وتحرص الشركات الكبرى على نشر ميزانيتها في الصحف المحلية ، كما تقوم بتوزيع كتيبان يتضمن الأول القوائم المالية للشركة ، والتي تتحدث عن الإيرادات المحققة والمصروفات التشغيلية ، فيما يتضمن الثاني الأعمال الإدارية والمشاريع المنفذة ، والمشاريع المزمع تنفيذها خلال العام المالي الجديد.
واعتدنا كمساهمين أن نسمع وجود شركات لم تحقق أي أرباح نتيجة للخسائر التي تعرضت لها ، غير أن هذه الشركات لا تسعى لتوضيح أسباب الخسائر مما يفتح المجال للعديد من التفسيرات الخاطئة .
لكننا إن نظرنا لأسباب الخسائر لوجدنا أن الإنفاق المالي المبالغ فيه خاصة فيما يتعلق بمرتبات القياديين هو السبب ، وهو نتيجة طبيعية لعدم وجود سلم أو سقف محدد لمرتبات الرئيس التنفيذي ، ومدراء القطاعات ، كما أن ما يتقاضاها بعض أعضاء مجالس الإدارات من مرتبات تفوق الخيال يؤدي حتما لحدوث خسائر ماليه على مدى تواجد مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي الذي لا ينظر للهدر المالي الذي ارتكبه نتيجة قيامه بتعيين هذا وذاك بمبالغ ماليه تفوق الخيال ويكون الضحية المساهم الذي ظل على مدى عام كامل في انتظار عائد أرباح أسهمهم ، ويصدم نهاية المطاف بعدم تحقيق أرباح !
وإن كنت غير متخصص في مجال الشركات ، لكن امتلاكي لأسهم ببعض الشركات أوجد لدي الرغبة في معرفة أسباب الخسائر التي تتعرض لها هذه الشركات ، فوجدت من خلال عدة قراءات أن الأسباب الرئيسية تكمن في المرتبات والمكافآت العالية التي يتم صرفها لبعض القيادات الإدارية رغم أنهم لم يحققوا أي أعمال تذكر أو أرباح تشفع لهم بالحصول عليها .
وقد عانيت شخصيا من عدم صرف أرباح لأسهمي بإحدى الشركات منذ عدة سنوات بحجة عدم وجود أرباح ، ولا أعرف لماذا لم تتدخل وزارة التجارة حتى الآن لتبحث عن الأسباب التي جعلت هذه الشركة تحجم عن صرف الأرباح ، وما أخشاه ويخشاه الكثيرون أمثالي أن يأتي يوم تعلن فيه الشركة إفلاسها وحينها لن يجني المساهم ما دفعه ، وستذهب حقوقه للموظفين مقابل مكافأة نهاية الخدمة .
وليت المحاسبون القانونيون يدركون أنهم مؤتمنون على أموال المساهمين ويعملوا على تفعيل نص الفقرة ( 1 ) من المادة العشرون من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1 / 12 / 1443 هــ ، والتي اشارت إلى أنه ” يجب أن يتصف مراجع حسابات الشركة بالاستقلال وفقًا لما تحدده المعايير المهنية المعتمدة في المملكة ” ، وأن يكون صادقا مع المساهمين في إيضاح التجاوزات التي يرتكبها الرئيس التنفيذي أو مجلس الإدارة .
وطالما أن الفقرة ( 1 ) من المادة الثامنة والعشرون من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1 / 12 / 1443 هــ ، قد حددت مسؤولية الإدارة فيما يلي :
1 ـ يكون المدير وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بالتضامن عن تعويض الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي ينشأ بسبب مخالفة أحكام النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، أو بسبب ما يصدر منهم من أخطاء أو إهمال أو تقصير في أداء أعمالهم ، وكل شرط يقضي بغير ذلك يعد كأن لم يكن.
فمن حق المساهمين المطالبة بتعويضاتهم ، وأن يطالب مراجع الحسابات بتدقيق مؤهلات وخبرات المرشحين للعمل ، وألا يسمح بصرف مرتبات ومكافآت تفوق الخيال فهو أمين على ممتلكات المساهمين .
وما أتمناه أن تطالب وزارة التجارة جميع الشركات المساهمة خاصة الخاسرة دوما بتقديم ما يثبت عدم حدوث تجاوزات إدارية أدت إلى تضرر الشركة ماليا ، وإن ثبت وجود تجاوزات أدت لحدوث الخسائر فحينها يكلف المتسبب بسدادها لتجاوزاته التي تسببت في الأضرار ولا يعاقب المساهمون نتيجة أخطأ ارتكبها الرئيس التنفيذي أو رئيس مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة .
وأتمنى أن يدرك أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة الخاسرة ، أنهم وإن كانوا اليوم أعضاء مجلس إدارة يتمتعون فإنهم مساهمون في هذه الشركات وما يصيب المساهمين من اضرار اليوم سيصيبهم غدا حتى وإن لجأوا لبيع أسهمهم فلن يجدوا من يشتريها بسعر الطرح لأن التاجر لا يبحث عن البضاعة الخاسرة .
قال الشاعر
وإذا جلستَ وكان مثـلُكَ قائمًا فمِن المروءَة أن تقـومَ وإن أبَـى
وإذا اتكـأتَ وكان مثلُكَ جالسًا فمِن المروءَة أن تُزيـلَ المتَّكـا
وإذا ركبتَ وكان مثـلُكَ ماشيًا فمن المروءَة أن مشيتَ كما مشى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com