من سُخرية القدر أن يتعرى الزاد، ويُلمع المزاد، ويتكاثر بالازدياد.. لا لأنهم لا يستحقون الإشارة، وإنما لكثرة العادة، وتردي الزيادة.. لمن يدعون الصُحبة والحصافة!
فشكراً لذلك الرجل الذي كان يشد أناملنا بمرافقته لتعلم سلوك الرجال، ونيل الخصال، وحسبي أنه أدرك الأثر، وتنامى بالغرر؛ “فالمجالس مدارس”.
نعم، ما دعاني لكتابة التوضيح هذا للمواقف التي سوف أتلوها بالإيضاح، وفحوى الارتياح.. حيث امتدح هذا الإنسان لنظيره بحضوره، وما إن غادر المكان، وتدارك العنان، استدرك الزمان، (وصار الحش شيمة وغنيمة)؛ بواقع كان يمتدح سالم بالزميل، ولما أدار ظهره أخذ ينحته كالأزميل، فواعجبي!
ــ هُنا من لا يُشارك الأنام من أسلافه بأفراحهم وأتراحهم، وساعة هفوة الزمان بمناسباته، يسهل عليك عدّ فرقة الإنشاد، وآثار الأحذية أجلكم الله، وبريق أكواب الشاي ماركة البادريق!
ــ هُنا من يستعبد الناس باتباعه، إما لإعجابٍ مفرطٍ، أو لقناعة عمياء، أو لمصلحةٍ هو ساقيها وراويها (لمخرجٍ عاوز كده)!
ــ هُنا من ينسج الهواء بكذبه، ويرصف البحر برتبه، وساعة تدني الأمر يُناجي (الناطور)!
ــ هُنا من يحتلب الغيم بادعائه، ويسطر السيم باستوائه، وحين الإيضاح يسدل الستار، ويبلور الغبار بعدم الفهم والادعاء!
ــ هُنا من يُجلل جبينه بزحام القُبلات بالمأتم، ويرمي وصايته بغنيمة الأجهم، وعمامة الأزهم!
ــ هُنا من يربط رقبته بالقول المجاني، وساعة احتساب المال يقنعك في: (قلدها صاوي ولا تصير صواوي)!
ــ هُنا من يوزع الألقاب بالخفاء، ويرميك بحجارة الجفاء؛ بالألسنة المسعورة، والأفواه المبتورة!
ــ هُنا من يخذل نفسه بوعاء ماء، فكيف يعول عليه بدعاء سماء!
ــ هُنا من يعيش على كلما امتدحتني ثقل مقامك، وتجلى سلامك، وتشكل وسامك، وتبختر رسامك، شريطة نسيان اسمك متى ما شاركتني قوة الوجاهة!
ــ هُنا من يجلس على دُكة زمانه وعُمره، ومشط شيبته أنامله، وتعداد تمره!
ــ هُنا من ينظر آخرته بدُنياه، بعونٍ ورشادٍ، وعفةٍ وسدادٍ!
ــ هُنا من يسكن الفقر داره، ويُعتق اليِتم جواره، بين ولائم لا تُعد، وأوانٍ تزدد!
ــ هُنا من ناهض عجزه برجزه، وساعة جلباب الخُطى اشتد كاهله، ونال نوائله بالعزيمة وكُنه التوكل.
ــ هُنا من يعرف سٓارٓه بِسٍياره، وحين يغترف الدبس يبر ساله وحياله!
ــ هُنا من يسكن حديثه نواظره، ورفيفه بشواكره في “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تُحبون”!
ــ هُنا من خط مصيره، وهناك من امتص عصيره في “يحش فيني واحش فيه وإذا التقينا الكل يمدح الثاني”!
ــ هُنا من يتكئ على عصاته، ويرمم شتاته بالحمد والثناء لمن أعطى دون منة، وأرخى بجنة، ورحمته تسيدت العباد بالسعة المُطلقة، “بالدين المعاملة”.