مع انتهاء أيام التشريق واكتمال شعيرة رمي الجمرات، تدخل منظومة الحج مرحلة دقيقة تتطلب أعلى درجات التنسيق، حيث تتركز الجهود على تنظيم حركة مغادرة الحجاج، بما يشمل أداء طواف الوداع والتنقل والسفر بين المشاعر المقدسة. وتُعد مرحلة المغادرة من أكثر المراحل حساسية، إذ تتطلب تسهيل إجراءات الحجاج الذين قدموا على فترات متفاوتة، بما يضمن مغادرتهم في وقت وجيز وبدقة عالية، دون وقوع أخطاء، وهي مهمة شاقة تتطلب تناغمًا كاملاً بين مختلف الجهات العامة والخاصة.
فمع أولى ساعات اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، تتنوع وجهات الحجاج:منهم من يغادر على عجل بعد الانتهاء من رمي الجمرات، متوجهًا إلى مكة لأداء طواف الإفاضة والوداع، ثم إلى مقار سكنه أو مباشرة إلى المنافذ الجوية والبرية والبحرية.
ومنهم من يتريث ويؤخر النفرة حتى غروب الشمس، مما يتطلب بقاء جزء من فرق العمل والكوادر الخدمية في مشعر منى إلى وقت متأخر.
وهناك من يتوجه إلى المدينة المنورة لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، مما يستلزم خدمات نقل خاصة وخطط تفويج دقيقة.
بينما بدأ بعض الحجاج في مغادرة المملكة عائدين إلى بلدانهم بعد إتمام النسك، لتبدأ رحلة الوداع والتفويج من مختلف نقاط مكة والمشاعر.
وقد أحسنت الجهات المسؤولة تقسيم الجهود وتوزيع فرقها بين مكة المكرمة ومشعر منى وفق خطط محكمة، حيث وُجدت فرق في صحن المطاف وساحات المسجد الحرام لخدمة المتوافدين على طواف الإفاضة والوداع، وفي الوقت ذاته، توصل الفرق الميدانية أعمالها في منى لضمان مغادرة آمنة ومنظمة للمتعجلين والمتأخرين.
كما تنشط القطاعات الخاصة العاملة في النقل والإسكان والإعاشة في تنسيق متكامل مع الجهات الحكومية، لتقديم تجربة ختامية تليق بالحجاج، بدءًا من تحميل الأمتعة وتوزيع الوجبات، وانتهاءً بتأمين رحلات المغادرة بسلاسة وراحة.
في هذه المرحلة، تتجلى كفاءة منظومة الحج السعودية، حيث تتلاقى المهنية والإنسانية في مشهد يختم به الحاج رحلة العمر بأمن وسلام ورضا، تحت مظلة قيادة سخّرت كل إمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن.